من قصص الصحابة كلام النبي في الشاب النشيط الذي يطلب الرزق
قصة شاب ذو قوة ونشاط يمر على مجلس رسول الله وأصحابه , لقد أعجب أصحاب رسول الله بهذا الشاب وقوته , فقال بعضهم (( يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله )) , أي لو جعل هذا النشاط وتلك القوة للجهاد والتضحية .
من قصص الصحابة كلام النبي في الشاب النشيط الذي يطلب الرزق |
إن قصة هذا الشاب تبين بوضوح مكانة السعي لطلب الرزق الحلال في الإسلام , إن العمل لتحصيل لقمة العيش وسد الحاجات فريضة وضرورة بشرية , إن التدين لا يعني بحال من الأحوال أن يترك المرء الدنيا فيعيش فقيرا ضعيفا , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ مِنَ المؤمنِ الضَّعيفِ وفي كلٍّ خيرٌ ))
إن العجز عن امتلاك الدنيا وأسباب القوة لا يدل على تقوى , وماذا يفيد الإسلام رجل ضعيف أو دولة ضعيفة , إنه لمن الأسى والخزي أن نرى الملاحدة يمتلكون القوة وأسرار الحياة لدعم إلحادهم وكفرهم , ها هو رسول الله يصحح مفهوما لأصحابه وكم هي المفاهيم الخاطئة الموجودة في مجتمعنا اليوم التي تحتاج لمراجعة وتصحيح .
لقد اعتقد بعض من أصحاب رسول الله لما رأوا قوة الرجل أنها لا بد أن تصرف في الجهاد فحسب , فبين لهم رسول الله أن السعي في سبيل الله ومرضاته ليس قاصرا على الجهاد , بل هو شامل لكل خدمة خيرية يقدمها الإنسان , فيستغل قدراته الجسمية والعقلية , ويستغل نشاطه وذكاءه لتقديم فائدة تعود على نفسه أو أهله أو وطنه , فهذا كله في سبيل الله عز وجل .
لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن القوة الجسمانية أو العقلية إما أن تكون في سبيل الله , وإما أن تكون في سبيل الشيطان فقال :
(( إن كان خرج يسعَى على ولدِه صِغارًا فهو في سبيلِ اللهِ وإن كان خرج يسعَى على أبوَيْن شيخَيْن كبيرَيْن فهو في سبيلِ اللهِ وإن كان خرج يسعَى على نفسِه يعفُّها فهو في سبيلِ اللهِ وإن كان خرج يسعَى رياءً ومُفاخَرةً فهو في سبيلِ الشَّيطانِ )) .
فالسعي لطلب الرزق الحلال من أجل لقمة زوجة أو أبناء فهو في سبيل الله , وكذا السعي على والدين شيخين كبيرين , أو سعي على النفس لأجل أن يعفها من مد اليد إلى الغير فيصون نفسه من ذل السؤال .
إنه لمن المؤسف أن نرى اليوم شبابا مفتولي العضلات لا يحصلون لقمة عيشهم , فهم عالة على أبنائهم وأمهاتهم , ترى الواحد منهم يمشي متبخترا كأن الدنيا قد سيقت إليه ولكن هيهات لا يملك شيئا سوى الإفتخار بعضلات لم تغن عنه شيئا , إن مثل هؤلاء يسعون رياءا فسعيهم في سبيل الشيطان .
قصة ثابت ابن ابراهيم وحرصه على أكل الحلال
كان الرجل الصالح ثابت بن إبراهيم يسير في بعض من شوارع الكوفة , فمر ببستان من بساتينها الفيحاء إذ بتفاحة تسقطت منه , فالتقطها بيده وأخذ يأكل منها , سرعان ما تذكر أنها ليست ملكا له وهو لم يستأذن من صاحب البستان , فلا يحل له أكلها فنادى رجلا رآه في البستان وأخبره أن هذا نصف التفاحة الباقي وأنه يطلب العفو , فأخبره الرجل أنه خادم البستان وأن صاحبه يبعد مسيرة يوم وليلة .
توجه ثابت للرجل ولما وصل بيته دق الباب فخرج صاحب البستان , فأخبره ثابت بقصة التفاحة , فأعجب صاحب البستان بورعه وتقواه فطلب منه طلبا غريبا , لقد أخبره أنه لن يسامحه حتى يتزوج من ابنته , فما هذه المصيبة التي أصابته جاء لأجل تففاحة إذا بامرأة تعرض عليها لا يعرفها ولا يعرف أهلها .
دارت أسئلة كثيرة في داخل الرجل غير أن إصراره على الأكل المباح قطع كل تفكير , لم يجد ثابت بدا إلا القبول ثم أعلمه الرجل بمصيبة أخرى إن البنت التي تتزوجها عمياء صماء بكماء مقعدة , أوصاف أربعة لا يمكن تحملها أبدا ولأن ثابتا كان حريصا على اكل الحلال , ولأنه يعرف قول رسول الله (( من نبت جسمه من حرام فالنار أولى به )) لذا فقد قبل بها الرجل .
تزوجها الرجل ولما دخل بها ألقى السلام عند دخوله المنزل راجيا من الملائكة الحاضرة أن تجيب , فإذا بالمرأة ترد السلام فهي تسمع قد سمعت تسليمه , وتتكلم أيضا قد ردت عليه سلامه , ثم تفاجأ مرة أخرى لقد قامت فصافحته إنها ليست مقعدة , بل وليست عمياء كذالك .
لما جلس معها أخبرها بأمر أبيها فقالت له إني عمياء لا أرى ما يغضب الله عز وجل , صماء لأني لا أسمع الحرام , بكماء لأني لا أتحدث بالحرام , مقعدة لأني لا أذهب بقداميي إلى اماكن الحرام , فنظر ثابت إلى وجهها فإذا هو قطعة القمر , لقد كانت نتيجة الزواج المبارك رجل ملأ الأرض علما وفقها , فكان ابنهما أبو حنيفة النعمان بن ثابن بن إبراهيم , فانظر سعي الرجل إلى الرزق الحلال ما جره إليه من بركات عظيمة وذكرٍ خالدٍ .
وهكذا كان دأب الصالحين في توخي الحلال , فهذا ابو بكر جاء له غلام بخراج فأكل منه , ثم أخبره الغلام ان ذالك الخراج هو سبب كهانة تكهنها لرجل في الجاهلية , فأدخل أبو بكر يده في فمه حتى قاء كل الأكل .
فضل الرزق الحلال
- أكل الحلال حرص عليه الأنبياء كلهم فأكله يفتح بركات إستجابة الدعاء وأكل الحرام يمنع من إستجابة الدعاء وقد ذكر النبي أن الرجل يأكل الحرام ويطيل السفر , والسفر من مواطن إجابة الدعاء ثم يرفع يديه إلى الله عز وجل فقال رسول الله (( فأنى يستجاب لذالك ))
- أكل الحلال من أسباب دخول الجنة فهو يورث الخوف من الله
- أكل الحلال يصون الوجه عن ذل السؤال , فالسعي لتحصيله ولو بمشقة يرفع قيمة الإنسان عند ربه وعند الناس .
- أكل الحرام يمحق البركة في العمر والصحة والرزق والأولاد ويورث الحرص والجشع .
- أكل الحرام يوصل صاحبه للهلاك في الدنيا والآخرة واللحم النابت من الحرام النار أولى به كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .