خطبة بعنوان كورونا آيات الله وعبره في المرض
هذه خطبة جمعة بمناسبة السماح بأداء شعيرة الجمعة , وقد اشتملت الخطبة على عناصر هامة وهي ( حمد الله عز وجل , ثم تهنئة المسلمين بعودة الجمعة ثم ذكر لأهم آيات الله في المرض , ثم مقارنة بين ما وضعه الله في جسم الإنسان وبين التطور العلمي البشري , أما الخطبة الثانية فقد تضمنت توصية الناس بعد التهويل وعدم الإستهتار بهذا المرض ثم الدعاء ) .
الخطبة الأولى : شكر واستغفار وتأمل في عظمة الخالق وحكمته
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا أما بعد :
فبداية نحمد الله على ما نحب وعلى ما نكره فلا يكون منه إلا خيرا , فاللهم لك الحمد على كل حال , ونستغفره سبحانه فهو القائل (( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ )) , وهو القائل (( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ )) .
ثم اعلموا عباد الله أن الله سبحانه قد حباكم بدينه فجعلكم مسلمين , وإنها لنعمة عظمى فهنيئا لكم فيوم يغدوا النصارى لصلبانهم , ويغدوا المجوس لنيرانهم ويغدوا الهندوس لأبقارهم ويغدوا المشركون لأصنمهم , أما أنتم معشر المسلمين فتغدون لبيوت الرحمن (( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)) .
واعلموا أن الله عز وجل ما أصاب من مصيبة إلا بإذنه , إن جائحة كورونا هي واقعة بإذنه سبحانه وتعالى , لكنه لا يخلق شرا خالصا , فما من شر إلا وقد حوى آيات وحكم .
فبعيدا عن تفسيرات نشوء فيروس كورونا هل هو نتاج خطإ بشري أو تصفية حسابات وصراعات بين الدول , فإن الشيئ الأكيد أن المرض واقع وأنه بتقدير الله عز وجل .
من حكم الله سبحانه في هذا المرض أنه قد أظهر للإنسان حجمه , فبين ضعفه أمام هذا الفيروس الذي لا يرى بالعين المجردة , فقد كان سببا لهلك الناس وخوفهم , لقد غير الكثير من مظاهر حياة البشر .
لقد قضى فيروس كورونا عما يزيد عن مليون من البشر ولم يستطع الإنسان إيقاف المرض . كما أن الملايين من البشر قد شفي من فيروس كورونا دون تناول لقاح ولا دواء بل بواسطة جهازهم المناعي .
إنك تعجب لما تسمع المختصين يقولون إن الجسم البشري قد يصنع المضاد الحيوي لفيروس كورونا في أربعة أيام أو خمس , بينما ترى العالم بأجمعه مختبرات هنا وهناك والعشرات من العلماء بل والمئات منهم ومن مساعديهم وبآلات متطورة وتقنيات عالية لم يستطع الإنسان إلى هذا اليوم صنع دواء أو إيجاد لقاح , فيالعظمة الله عز وجل , فقد صدق إذا قال (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ )) .
الخطبة الثانية توجيهات ونصائح ودعاء
الحمد لله نحمده سبحانه ونستغفره ونتوب إليه ونشهد أن لا إلاه إلا هو وأن حمدا عبده ورسوله أما بعد أيها المؤمنون
لازال المرض يشكل تحديا كبيرا وخطرا عظيما على بعض من الناس , لذا فالواجب علينا أن لا نستهين به كما أنه من الواجب أيضا علينا أن لا نهول منه , فننشر قصصا غريبة وأخبار وشائعات كاذبة أو معلومات غير سليمة عنه .
إن من المصائب التي حلت علينا هو حديث غير أهل الإختصاص في غير مجالهم , وقد نهى الله عز وجل عن هذا فاحذروا عباد الله من الكلام في غير ما تحسنون , فلكل مجاله وهذا مجال أهل الطب فعليهم أن يجتهدوا فإن أصابوا فلهم أجران بإذن الله وإن اخطؤوا فلهم أجر واحد . وإن تهاونوا وغيروا الحقائق فحسابهم عند الله عز وجل .
فالله إن نسألك أن ترفع عنا الوباء وان تحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا , اللهم الطف بنا فيما جرت به المقادير , ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا , الله ارحمنا برحمتك الواسعة , ربنا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا فأنت أرحم الراحمين , نسألك اللهم عيشة رضية وميتة هنية , اللهم احسن ختامنا يا رحمان يا منان سبحانك أنت الواحد الأحد إن لم تغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا لنكونن من الخاسرين , سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .