من أضرار شرب الخمر والمخدرات الدينية والدنيوية
نعيش اليوم فتنا عظيمة قد يتقلب المرء في اليوم مرات عديدة , فيصبح شاكرا ويمسي كافرا لأنعم الله , يخاف المؤمن فيها على نفسه وعلى أهله , وإن من أخوف هذه الفتن فتنة المخدرات والمسكرات بجميع أنواعها .
لقد حرم الله عز وجل الخمر وكل مسكر , وذكر في كتابه جملة من المفاسد العظيمة على إيمان الفرد وعلى تماسك المجتمع , قال تعالى :
إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ
هذه الخمر وهي صورة من صور المخدرات والمسكرات , تفتت المجتمع وتفرق الشمل , فكم من أب فرقته عن أبنائه وكم من أم إعتدى عليها أبناؤها , وكم من زوجة عانت من زوجها المدمن .
أما على صعيد الإيمان والعلاقة بالله عز وجل فالأمر خطير , فهي صد عن الصلاة الصلة التي بين العبد والرب , وهي صلة عن ذكر الله عز وجل , فمدمن الخمر يعيش ناسيا لربه بعيدا عنه .
الخمر أم الخبائث وقصة العابد الذي اختار شرب الخمر
لقد سمى عثمان رضي الله عنه الخمر (( أم الخبائث )) , فجعلها بذالك أما وأساسا لكل شر فهي تؤدي للكثير من الآفات والمفاسد من السرقة والقتل والزنا وغيرها , وقد ذكر عثمان قصة عن رجل ممن خلا قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم وكيف أثرت فيها الخمر , فقال :
(( اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإنّهَا أُمّ الْخَبَائِث !ِ إنّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمّنْ خَلاَ قَبْلَكُمْ تَعْبّدَ فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ غَوِيّةٌ، فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ جَارِيَتَهَا فَقَالَتْ لَه:ُ إنّا نَدْعُوكَ لِلشّهَادَةِ، فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا فَطَفِقَتْ كُلّمَا دَخَلَ بَابا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ، حَتّى أَفْضَى إلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ عِنْدَهَا غُلاَمٌ وَبَاطِيَةُ خَمْرٍ، فَقَالَتْ: إنّي وَاللّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشّهَادَةِ وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيّ أَوْ تَشْرَبِ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةَ كَأْسا أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلاَمَ. قَالَ: فَاسْقِينِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأْسا فَسَقَتْهُ كَأْسا. قَالَ: زِيدُونِي فَلَمْ يَرِمْ حَتّى وَقَعَ عَلَيْهَا وَقَتَل النّفْسَ. فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ، فَإنّهَا وَاللّهِ لاَ يَجْتَمِعُ الإِيمَانُ وَإدْمَانُ الْخَمْرِ إلاّ لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ )) صحيح النسائي .
فالرجل كان عابد معتزلا الناس ساعيا لإرضاء ربه , ولكن (( علقته امرأة )) أي تعلقت به وأحبته , فكادت له مكيدة وأرسلت إليها جارية فأخبرته أنهم يدعونه للشهادة فلبى الواجب الشرعي , وغلقت الأبواب حتى التقى بامرأة فخيرته بين ثلاث من كبائر الذنوب , قتل أو شرب خمر أو زنى فاختار ما يراه أقل فسادا أو جرما , فاختار شرب الخمر .
لقد اختار الرجل أم الخبائث فلا زال يزيد منها حتى وقع على المرأة وقتل النفس , فتأمل كيف جرته الخمر لارتكاب كل هذه الجرائم , والحقيقة أن الواقع يشهد على مثل هذا وأكثر فكم جرت الخمر وكم جرت المخدرات لمصائب وجرائم عظيمة .
فهذه الآفة العظيمة ينبغي عدم التسامح معها أبدا فهي مفسدة للمجتمع , وكم نأسف إذ نراها تغزوا المدارس ويستغل المرجون لترويج بضاعتهم القصر من الفتيان والفتيان , فتعطى لهم على أشكال حلويات حتى يدمنها القاصر ثم يفتحون به بابا لبيعها وترويجها . إنها أم الخبائث فعلا .
وهكذا لما انتشرت هذه الآفة آفة المخدرات أصبح الرجل لا يأمن على أولاده أو بناته , فمكائد المروجين متنوعة وأنفس المراهقين ضعيفة وتجاربهم الحياتية قليلة وعقولهم قاصرة .
مخاطر وأضرار إدمان الخمر في الدنيا والآخرة
1 . شربها سبب في الحرمان من شرب خمر الآخرة ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ)) .
2 . المسكر يشرب من طينة الخبال وهي عصارة أهل النار أي عرقهم , قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَإِنَّ عِنْدَ اللهِ عَهْدًا لِمَنْ شَرِبَ أَوْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ)).
3 . أنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة ولا تكاد تجتمع مع الإيمان في قلب أبدا , وقد مر ذكر قول الله تعالى بأنها حبل من حبال الشيطان , كما مر ذكر حديث عثمان عن الخمر .
4 . نشر العداوات بين أفراد المجتمع بانتشار الجرائم , من سرقة وقتل واغتصاب وغيرها .
5 . كما لا يخفى ان للخمر آثارا جسيمة على صحة الإنسان , فهي تضر بالعديد من أعضائه كالدماغ والجهاز العصبي والكبد