الأب والتربية الإيجابية للأبناء فنون التربية الصحيحة للأبناء الدكتور مصطفى أبو سعد
التربية الإيجابية للطفل أو كيف تكون مربيا ناجحا لأبائك , شيئ يسعى إليه الكثير من الأبناء والأمهات , قد تكون لك أفكار خاطئة عن المربي أو ما الذي يجب أن تتحلى به من صفات , وما هو الأسلوب الأنجح في تربية الأبناء , ومت هو الأساس الذي ينبغي أن تركز عليه لأن التربية الجيدة تقوم عليه , كل هذا في هذه المحاور وأكثر مع الدكتور مصطفي أبو سعد .
لا تكن إطفائيا أو مروضا لأبنائك بل كن مربيا إيجابيا
لكي تكون أبا مثاليا ومربيا ناجحا لأبنائك ينبغي أن تسأل نفسك هل تملك مقومات التربية المثالية أم لا , تأمل وقارن بين هذه الأنواع من التربية التي تفصل لك أنواع المربي .
النوع الأول المربي الإطفائي : يرى هذا الصنف أن دوره في التربية هو التدخل في الحالات المستعصية والشديدة فقط , فعند حلول الكوارث يتدخل هذا النوع من المربيين تماما كرجال الإطفاء , فإذا ما رأوا سلوكا سيئا في أبنائهم تدخلوا , كأن يكون مثلا الإبن قد أصبح عدائيا او عنيدا , فيتدخل هذا النوع ليسأل ويبحث عن الحل , فالترببية عندهم تدخل إطفائي , وأغلب الرجال إطفائيون فتجد الكثير منهم يقول التربية في المراحل الأولى هي تربية الأم حتى سن 14 سنة , بينما التربية في الإسلام تبدأ من الدقيقة الأولى لخروج المولود فالأب هو الذي يؤذن في أذنه , فبعض الرجال يرى أن دوره المراقبة والتدخل عند عجز الأم .
النوع الثاني من الأولياء هو المُرَوِّض : الترويض كعمل بشري سكون في السِّرك مع الحيوانات كي تُحوَّل لحيوانات أليفة , فهذا النوع من الأولياء يريد أبناء مُروضين مطيعين , هذا النوع يحاول أن يجعل إبنه مطيعا له في كل شيئ , والمشكلة أنه ليس كل أمر يأمر به الوالدان يكون موافقا لما هي عليه طبيعة هذا الطفل النفسية أو العقلية , وأحيانا قد يأمرهم الأولياء بما يخالف عكس فطرتهم , أو عكس طبيعة نموهم المرحلية .
هذه الطريقة في التربية حقيقة تنطبق مع النظرة الفلسفية للإنسان في الغرب , فالإنسان في الغرب حيوان ينبغي أن يروض , فترويض الإبن وفق هذه الطريقة يقضي على شخصية الطفل .
النوع الثالث المربي الإيجابي : لكي تكون إيجابيا في التربية ينبغي أن تتصف بثلاث صفات :
الصفة الأولى : أن تكون لديك مع ابنك علاقة إيجابية , فهذا النبي صلى الله عليه وسلم كان إيجابيا مع قومه (( ولو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك )) , فالعلاقة بينك وبين أبنائك ينبغي أن تكون إيجابية .
الصفة الثانية : المربي الإيجابي ينبغي أن ينظر لكل السلوكات التي لا تُعجبه أنها أعراض . فتجده يبحث عن أسباب هذه الأعراض كي يعالجها .
الصفة الثالثة : هذا النوع يدرك الهدف من التربية , فالهدف من التربية تكوين ولد قوي الشخصية وأيض ولد صالح , فليس الهدف أن يكون الولد صالحا فقط , فالرؤية الإسلامية تحتاج للرجل القوي الأمين قوي الشخصية صالح الخلق , فكثير من الناس قد ربى طفله طيلة عشرين سنة على الصلاح والتقوى , وفجأة ينقلب هذا الإبن إلى الأسوء . يلعب به غيرهم بسهولة فالبنت قد تنزع حجابها بسهولة , والإبن قد يصل للإلحاد بسهولة ويغرهم بعض فتيان العلم والإلحاد , لأن هناك خللا في بناء الشخصية , فنحن قد ربيناهم على الصلاح وغفلنا على تربيتهم على قوة الشخصية .
ركز على قوة الشخصية فهي أهم ميزة في الإنسان
ينبغي أن يعلم أن قوة الشخصية يصعب بناؤها بعد ثمانية عشرة سنة الأولى , أما الصلاح فالإنسان قد يصلحه الله في أي وقت , لذالك فهدف المربي الإيجابي الأول تنشئة أبناء يتمتعون بقوة الشخصية , فالعناد مثلا هو إحدى مظاهر قوة الشخصية , فتجد الطفل لا يفعل شيئا إلا إذا اقتنع به , أو تجده يحافظ على رأيه ويصر عليه , فمظاهر قوة الشخصية قد تظهر عند الولد وعمره سنة أو سنة ونصف . فتجده مثلا يصر أن يلبس بنفسه أو يأكل بنفسه . وفي مثل هذه الحالة قد لا يجيد الوالدان التعامل معه , فيتعبرون مثل هذه السلوكات سلوكات خاطئة , وبالتالي فمن خلال تصرفاتهم قد يكونون سببا في ضعف الشخصية لدى الأبناء .
فقوة الشخصية مهمة , فالتربية السلبية للأبناء تولد شخصية هشة , فنسبة 65 في المئة من افراد المجتمعات هشة , والهشاشة هذه موجودة في جميع طبقات المجتمع , الأغنياء والفقراء والمثقفين وغير المثقفين وفي الشوارع وفي المساجد , فقد يكون الإنسان صالحا ومع ذالك يكون هش الشخصية , وقد يكون فاسدا وهش الشخصية أيضا , وأحيانا قد يكون صلاح الهش أفضل من صلاح القوي . فالخوارج في زمن الصحابة فئة هشة رغم صلاحهم , فالواحد من الصحابة يحقر صلاته أمام صلاتهم , فرغم ذالك هم فئة هشة يُتلاعب بهم , فحتى الصالحون قد تكون شخصيتهم هشة .
أسس ومقومات التربية الإيجابية للأبناء السر في النجاح
التربية الإيجابية تقوم على أربع أسس وهي :
- بناء الثقة
- بناء العلاقة
- تعديل السلوك السلبي
- تعزيز السلوك الإيجابي
لكن السؤال هل ممكن أن يكون الإنسان مسلما كامل الإيمان ولا يحج , نعم يمكن إذا لم يكن مستطيعا , كذالك الصيام , لكن هل يمكن ان يكون مسلما كامل الإيمان ولا يصلي , لا غير ممكن فترك الصلاة ليس فيه عذر , في هذه الأسس الأربع هناك ما يشبه الصلاة بالنسبة للدين , وهي بناء العلاقة , فلا يمكن ان تكون مربيا ناجحا دون علاقة مع ابنائك , فإذا لم تكن العلاقة مبنية على الحب والإحترام فلا يمكن ان تكون التربية منك ناجحة , أما إذا وجدت هذه العلاقة فقد لا يحتاج الإبن لتعليم او نصح منك , فتجد الإبن يتبعك يراك تصلي فيصلي , يراك تقرأ الكتب فسيقرأ , فأساس التربية هي العلاقة , وللأسف أغلب الناس يركز في التربية هو تعديل السلوك , والغالب ان التركيز على تعديل السلوك مع علاقة سيئة فإنها لا تنفع .