حمل كتاب قواعد معرفة البدع محمد الجيزاني
يعتبر التمييز بين البدعة والسنة من مهمات الدين ومن مشكلات الفكر الإسلامي عموما , ففريق يوسع معنى البدعة وفريق سضيقه وبينهما ضاع بعض من الناس , وقد جاء كتاب قواعد معرفة البدع للجيزاني لمعالجة هذه المشكلة .
تحميل كتاب قواعد معرفة البدع محمد الجيزاني
كلمات تعريفية بكتاب قواعد معرفة البدع محمد الجيزاني |
إن اضطراب الناس في تحديد مفهوم البدعة جعل كل فريق يدعي أنه على السنة ويرمي غيره بالبدعة , فالمؤلف حاوي بكتابه هذا وضع قواعد وضوابط عامة لهذا المفهوم حتى يتبين أكثر . وبعد تدقيقه في المؤالفات التي ألفت في البدع ومفهومها وأنواعها , وبعد استقراء لهذه الكتاب إجتمع لد المؤلف ثلاث وعشرون قاعدة يرى أن الإبتداع قائم عليها , ومن أبرز المؤلفات التي اعتمد عليها نظرا وتمحيصا هي :
- الحوادث والبدع الطرطوشي
- البدع والنهي عنها لابن وضاح
- الباعث على انكار البدع والحوادث لأبي شامة
- الإعتصام للشاطبي
- إقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية
قسم المؤلف كتابه (( قواعد معرفة البدع )) لثلاث محاور أساسية , محور تناول فيه مقدمة والمحور الثاني تناول فيه مدخلين أساسين وهو الجزء الأول من الكتاب , والمحور الثالث تحدث عن صلب الكتاب وهو القواعد التي ألف الكتاب لبيانها .
الجزء الأول من الكتاب وهو مدخل لفهم معنى البدعة .
في مقدمة الكتاب تحدث عن ضرورة تحرير هذه القواعد , ثم تحدث عن وصف الكتاب ومحتوياته , أما في المحور الثاني من الكتاب فقد جعل المدخل الأول في بيان معنى البدعة , وقد اندرجت تحته ثمان مسائل بين فيه المفهوم فذكر المعنى اللغوي والإصطلاحي والعلاقة بينهما , معرجا في حديثه على ذكر علاقة البدعة بالمعصية فذكر فيما يجتمعا وفيما يفترقا , وكذالك فعل عند حديثه عن علاقة البدعة بالمصلحة المرسلة وفذكر اهم فرق بينهما وهو أن البدعة تكون في التعبديات والمصالح المرسلة عامتها تكون فيما عقل معناه وظهرت فيه مناسبات التشريع .
في المسألة الثامنة تحدث عن خصائص البدعة , فاجتمع لديه أربع خصائص وهي :
- في الغالب تكون البدعة المعينة تندرج تحت نهي عام , فلا يوجد دليل يختص بها يذكرها .
- البدعة تناقض قصد الشارع وهو دليل عام على النهي عنها
- البدعة غالبا تكون فيما لم يفعل في عهد رسول الله أو أصحابه
- البدع كثيرا ما تشبه التعبدات المشروعة , فهي لا تخلوا من شبهة دليل خاص أو عام
في المدخل الثاني من الكتاب تحدث الشيخ الجيزاني عن أصول جعلها جامعة للإبتداع في الدين , فذكر منها ثلاث أصول على النحو التالي :
الأصل الأول : وهو التقرب إلى الله بما لم يشرعه , وهو شامل لنوعين من العبادات الأول : عادات ومعاص فهذه لا تكون بدعة إلا بوجود النية , والنوع الثاني عبادات ثابتة غَيَّرها المكلف من جهة الوصف , فهذه بدعة على كل حال ولا يشترط فيها قصد القربة فهي بذاتها عبادة .
الأصل الثاني : الخروج عن نظام الدين , والمقصود منها جعل حق الإنقياد لغير ما جاء به الدين , وقد استدل لهذين الأصلين بحديث عائشة (( من أحدث في ديننا ما ليس منه فهو رد )) .
وأما عن الأصل الثالث فقد ذكر انه متفرع عن الأصلين السابقين , وهو الذرائع المفضية إلى البدع وقد أطال الحديث عن هذا الأصل , فقد يفعل المكلف فعلا بالنظر لذاته ليس محدثا ولا بدعة , ولكن بالنظر إلى ما يؤول إليه فإنه يؤدي للبدعة , ثم ذكر شروط كون الفعل مؤديا للبدعة وهي :
- أن يؤدي فعلا للبدعة بأحد ثلاثة أشياء , إما بإظهارة أو إشهاره في المساجد ومجامع الناس , أو إلزام هيئة أو صفة ما لم ترد , أو إعتقاد فضله ومن ثم تحري العمل .
- شرط الإفضاء أن يكون مقطوعا به أو يغلب على الظن حصوله .
- ألا يترتب على منع هذا الفعل الذي هو ذريعة للبدعة ما هو أكثر فسادا من هذه البدعة .
ثم ذكر أن هذه الذرائع المفضية للبدعة لا يشترط فيها النية والقصد للمفسدة الحاصلة منها , وهذا النوع يعد من البدع الإضافية . ثم أخذ يذكر نماذج من أفعال السلف في تطبيق قاعدة الذرائع في المنع من البدع , ثم ختم المبحث بذكر مفاسد من اهمال العمل بمبدإ سد الذرائع في هذا الباب .
الجزء الثاني من الكتاب وتفصيل للقواعد .
بعد ان تحدث المؤلف في المباحث السابقة عما يراه ضروريا لضبط موضوع البدع , أخذ في الحديث عن القواعد الضابطة وقد ذكر أنه ترجع أساسا للأصول الثلاث التي مر ذكرها . فالمنهج الذي اتبعه هو تصنيف هذه الضوابط بحسب اندراجها تحت الأصول السالفة الذكر . والجيد في الكتاب أنه يذكر أمثلة تطبيقية لكل قاعدة وذالك بعد توضيحها وشرحها , وقد نبه الشيخ الجيزاني أن بين كثيرا من هذه القواعد تداخل وتلازما وكذالك الحال في الأمثلة التطبيقية .
الأصل الأول وهو التقرب إلى الله بما لم يشرعه : يشترط الشرع لقبول العبادة شرطين الأول ثبوت أصلها والثاني الصفة التي جاء بها الشرع . فمخالفة أصل الثبوت بان يستند فاعلها لحديث ضعيف أو مكذوب أو لقول من ليس قوله حجة , وأما إن كانت العبادة ثابتة بنص صحيح صريح فإن الإبتداع فيها قد يكون من جهة صفتها كتقييد مطلقها أو إطلاق تقييدها . وقد اجتمع لدى المؤلف تحت هذا الأصل عشر قواعد .
الأصل الثاني وهو الخروج على نظام الدين : ينبغي للمسلم أن يخضع لنصوص الشرع وأحكامه فهذه قاعدة متين , وتحدث مخالفتها إما بإحداث اعتقادات باطلة أو معارضة لنصوص الشرع . أو بتغيير الشريعة وتبديل احكامها بحيث يفرض على الناس ما يخالفها , وقد عد المؤلف القواعد الداخلة تحت هذا الأصل ثمان قواعد كلية .
الأصل الثالث وهو أصل الذرائع المفضية للبدع : وقد جمع المؤلف تحت هذا الأصل خمس قواعد . قام ببيانها والتمثيل لها بوقائع .
لعلى بعضا مما ذكره المؤلف من قواعد لا تلقى إجماعا لدى العلماء , فهي مثار جدل كبير بينهم منذ عصور عدة , ويلاحظ أن المؤلف قد جنح لرأي الإمام الشاطبي وشيخ الإسلام في هذا الموضوع , والقواعد المثار حولها جدل كبير هي :
القاعدة الثامنة والتاسعة وهي قاعدة تقييد المطلقات من العبادات , فقد جعل المؤلف شرط كون هذا التقييد بدعة إذا أوهم أنه مقصود شرعا , ثم ضرب المؤلف مثالا وهو ما إذا قيد المكلف يوم الأربعاء فخصه بصوم فيكون بدعة , ثم ذكر ان مفسدة تخصيص وتقييد ما لم يقيده الشرع ينافي قصد الشارع من التوسعة في عدم التقييد , فإذا قيد انتفت هذه المفسدة بحيث قيد المكلف شيئا ما لسبب معقول كحصول الفراغ في ذالك الزمان أو النشاط جاز التقييد ثم خلص أن التخصيص يكون جائزا بشرطين :
- ألا يكون في التخصيص تضييق وحرج على المكلف لأن هذا مخالف لقصد الشرع من التخفيف في إطلاق العبادات .
- ألا يعتقد أن لهذا التخصيص فضلا .
وأيضا مما هو محل جدل من القواعد ما قرر في القاعدة التاسعة عشر والعشرون , وهتين القاعدتين فيها شيئ من التداخل مع القاعدة الثمنة والتاسعة .
وفي خاتمة الكتاب ذكر المؤلف ملخصا لكل القواعد ثم بعد إستقرائها لهذه القواعد حدد المجالات التي تدخلها وهي : الإعتقادات , العبادات , المنهيات , العادات , مشابهة الكافرين , وتحت كل مجال ذكر رقم القواعد التي تضبطه .