recent
أخبار ساخنة

حق الله وحق العباد شرح حديث معاذ

الصفحة الرئيسية

حق الله وحق العباد شرح حديث معاذ


حديث معاذ رضي الله عنه الذي تضمن بيان حق الله على عباده , وحق العباد على الله إن هم أدوا حقه , حديث عظيم القدر أورده صاحب كتاب التوحيد مستدلا به على مسائل الباب الأول من كتابه , وهو وجوب التوحيد والشاهد على هذا قوله (( حق الله على العباد )) .
حق الله وحق العباد شرح حديث معاذ
شرح حديث معاذ حق الله وحق العباد

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و سلم عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ. قَالَ: فَقَالَ: يَا مُعَاذُ! أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ وما حقُّ العبادِ عَلَى الله؟ قَالَ قُلْتُ: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فَإِنَّ حَقَّ اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوا اللّهِ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً. وَحَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً» قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ! أَفَلاَ أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: «لاَ تُبَشِّرْهُمْ. فَيَتَّكِلُوا» متفق عليه

قال معاذ (( كنت رديف النبي ..)) كلمة رديف على وزن فعيل , بمعنى فاعل أي رادف وفعيل قد تأتي بمعنى فاعل , وقد تأتي بمعنى مفعول وسياق الكلام هو القرينة الدالة على إرادة أحدهما , والسياق هنا دال على أنها بمعنى فاعل أي رادف , والرادف هو المتأخر فرديف مأخوذ من الردف والردف التابع .

وفي البخاري أن الحمار الذي كان راكبا عليه النبي صلى الله عليه وسلم يسمى عُفير أهداه إليه المقوقس , وهو لقب حاكم مصر في تلك الأزمان . 

قال معاذ (( فقال لي أتدري ما حق الله على العباد )) , فجاء أسلوب التعليم هنا بصيغة السؤال ليكون أوقع في النفس , وأبلغ في الإفهام , والمقصود بالعباد هنا كل العباد فالعبودية هنا العبودية العامة , وهي عبودية القهر والسيطرة , وأما في قوله (( وما حق العباد على الله )) فالعبودية هنا العبودية الخاصة الإختيارية .

وكون هؤلاء لهم حقا على الله ليس لأنهم يستحقونه , أو أوجبوه عليه بل لأنه هو الذي أوجب ذالك على نفسه , كما قال تعالى في القرآن الكريم (( كتب على نفسه الرحمة )) , وكما حرم الظلم على نفسه فهذا الإستحقاق إستحقاق تفضل وإنعام , وليس إستحقاق مقابلة .

قال معاذ (( الله ورسوله أعلم )) وهذا أدب منه فقد يكون معاذا يعلم , ولكنه قال ذالك طلبا للمزيد مما قد لا يكون يعلمه فيحرم نفسه من مزيد علم وفضل .

قال (( حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا )) ففي هذا التركيب عمومان عموم النهي عن الشرك (( ولا يشركوا )) وعموم النهي عن المُشرك به في قوله (( شيئا )) , فكلاهما نكرة في سياق النفي .

وقوله (( ولا يشركوا به شيئا )) بيان أن الإبتعاد عن الشرك شرط لصحة العبادة , فلا تصح العبادة إلا باجتناب الطاغوت فالشرك مفسد للعبادة , وقد جاء في الحديث (( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه )) فلا يجتمع الشرك والتوحيد أبدا , والقصد بالشرك هنا الشرك الأكبر , فإما توحيد في القلب وإما شرك ولا يخلوا قلب من أحدهما , فهما لا يجتمعان ولا يرتفعان معا فحق الله هو توحيده بإخلاص العبادة له ولا يصح ذالك إلا باجتناب الشرك .

قال (( وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا )) فيعذب فعل مضارع منسبك لمصدر وزمن , والمصدر نكرة وهو في سياق النفي فيعم كل أنواع العذاب في الدنيا والآخرة , ونفي العذاب هنا إنما لفئة خاصة وهي التي قال فيها (( من لا يشرك )) , فمن حقق اجتناب الشرك ولا يكون إلا بتحقيق التوحيد لا يقع عليه أي نوع من انواع العذاب , ومما ينبغي أن يعلم أن قوله (( أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا )) فالمقصود ممن عبدوه ولم يشركوا به شيئا فلا بد من هذا التقدير ليصح الكلام ولتجتمع النصوص .

قال معاذ (( قلت يا رسول الله أفلا أبشر الناس )) فيه أمران الإستئذان واستحباب بشارة الناس , ثم قال رسول الله (( لا تبشرهم فيتكلوا )) , فقد خصص رسول الله بعضا من العلم لبعض من أصحابه . 

واستشكل بعضهم أمر معاذ فقال قد أخبر بالحديث وقد نهاه النبي عن ذالك , وأجيب أن النهي كان على سبيل الكراهة لا التحريم فلما وجدت المصلحة ارتفعت الكراهة , وقيل إنما كان النهي عن إخبار كل الناس , وهو قد أخبر بعضهم والظاهر أن الجوابين ضعيفين , بل لأن الحكم قد علل فقال (( فيتكلوا )) فقد يكون أدرك معاذ أن العلة قد زالت فيزول النهي وهذا الجواب اوجه .
google-playkhamsatmostaqltradent