تفسير ( قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ) من الباب الأول كتاب التوحيد
قول الله تعالى ( قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ) من سورة الأنعام , هي جزء من الآية رقم 151, وهي خامس آية جاء به المؤلف في الباب الأول من كتاب التوحيد , وفي الآية نهي عن الشرك وتحريم له كما أن فيها إشارة للتوحيد .
قوله (( تعالوا )) بمعنى تقدموا واقرؤوا حقا متيقينين بما أوحى إليكم ربكم , ثم بين ذالك فقال (( ألا تشركوا به شيئا )) وأصل (( أتل )) هو (( أتلوا )) جزم لأنه وقع جوابا لقوله (( تعالوا )) .
إذن ففي الكلام معنى الشرط والتقدير (( تعالوا إن تاتوا اتل )) , وأتل فعل مضارع مشتق من التلاوة , والفرق بين التلاوة والقراءة أن التلاوة تختص بكتاب الله تارة بالقراءة وتارة بالإمتثال والتطبيق الفعلي , قال تعالى (( الذين يتلونه حق تلاوته )) أي يعملون به .
وقوله (( ألا تشركوا به شيئا )) قد مر الكلام عما يشبهه فيما سبق ولهذه الآية منطوق صريح هو النهي عن الشرك , ومنطوق غير صريح هو الأمر بالتوحيد والأمر بالتوحيد مستفاد من دلالة الإقتضاء . فالنهي عن الشرك يقتضي أن يكون هناك ما يشرك به , وهو الشرع في عبادة الله , فيكون في الكلام محذوفا وهو الأمر بعبادة الله , أي اعبدوا الله ولا تشركوا به .
قال ابنُ مسعودٍ: "مَن أراد أن ينظر إلى وصية محمدٍ ﷺ التي عليها خاتمه فليقرأ: ( قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ) إلى قوله: ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا ) الآية [الأنعام:151- 153]
الحديث أخرجه الترمذي وحسنه , وفي سنده داود بن يزيد الأودي قال في التقريب ضعيف , وقال أبو داود متروك, وقول ابن مسعود له سبب فلا يقال بأن له حكم الرفع , فقد روى البخاري أنه لم اشتد وجع النبي في مرض موته وطلب منهم أن يأتوا له بكتاب يكتب لهم وصية فاختلفوا عنده , فقال النبي (( قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع )) فقال ابن مسعود (( من أراد أن ينظر إلى وصية محمد ... )) , وهذا من احتهاده ودقة نظره فإنه يعلم أن رسول الله لا يوصي إلا بما وصى به الله عز وجل , فحمل كلام ابن مسعود على أن له حكم المرفوع فيه نظر لإمكان أن يصدر منه عن إجتهاد .