تعرف وحمل أهم الكتب التي اهتمت بكتاب الإحياء للغزالي
كتاب إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي , من من العلماء أو طلبة العلم أو حتى عامة الناس الذين لهم اهتمام بالكتب لم يسمع به , هو أشهر مؤلفاته ومن غرائب هذا الكتاب أن شغل الناس كثيرا , فتباينت الآراء حوله ما بين مادح وناقد له .
حمل كتاب إحياء علوم الدين الإمام أبي حامد الغزالي
حمل كتاب إتحاف السادة المتقين شرح كتاب إحياء علوم الدين
حمل كتاب المغني عن حمل الأسفار في الأسفر تخريج آحاديث الإحياء
مؤلف الكتاب أحد علماء المسلمين الذين يشهد لهم العدو والصديق بالذكاء وسعة المعرفة والعلم , فالرجل إمام بحر من آعاجيب ما زاد به زمانه , فقد نبغ في شبابه قال فيه شيخه الجويني (( الغزالي بحر مغرق )) , وقال فيه (( خلفتني قبل أن أموت )) وقد كان الغزالي يخلفه في المدرسة النظامية للتدريس عند غياب شيخه , لقب بشيخ الإسلام والشافعي الثاني , قوة ذكائه وعبقريته لا يختلف فيها اثنان موافقا كان أو مخالفا له .
تقلب الرجل في حياته كثيرا واضطرب مرات عدة متنقلا بين المذاهب والآراء , حتى استقر به الأمر في التصوف , وقد ذكر هذا الإضطراب والحيرة في كتابه (( المنقذ من الضلال )) ولما استقر على التصوف ألف كتبا عدة فيه أشهرها كتاب الإحياء , فقد أصبح عمدة للمتصوفين ومقصدا لهم .
أهم ما تضمنه كتاب الإحياء
بدأ المؤلف كتابه بمقدمة ذكر أهم المعالم الرئيسية لكتابه , فقد قسمه لأربعة أقسام كل قسم منها سماه ربعا ويحتوي كل منها على عشرة كتب , وسبب هذه القسمة كما ذكر شيئين :
- الأول : أن العلم منقسم لعلم معاملة وعلم المكاشفة , فعلم المكاشفة علم يختص بالباطن وهو موصل للمعرفة الحقيقية بالله عز وجل وبأسمائه وصفاته , ومعرفة النبوة وحقيقة الشياطين وكيفية معاداتها وغير ذالك , يحصل هذا العلم بتطهير القلب وتزكيته , فيقذف الله فيه نورا تنكشف به تلك الحقائق , وهذا غير مقصود من هذا الكتاب , فالمقصود هو الثاني الذي هو علم المعاملة الذي يهتم بأحوال القلوب كالصبر والشكر والرضا والزهد والقناعة والسخاء والخوف والرجاء وغير ذالك من الأحوال .
- الثاني : أن طلب الفقه قد توجه إليه البر والفاجر , وصار لبعضهم مباهات وطلبا للجاه به , فأتى بهذا الكتاب في صورة كتب الفقه لعله يجذب إليه القلوب لعلها ترق .
فكانت هذه الأرباع هي : ربع العبادات وربع العادات وهذين الربعين هو شطر الكتاب الأول , وهي أحوال تجري على الجوارح , وأما ربع المهلكات وربع المنجيات فهي تختص بالعلم الباطن الذي يجري على القلوب .
ربع العبادات والعادات .
وهو الشطر الأول من الكتاب ففي الربع الأول تحدث فيها عن العلم وفضله وما هو محمود منه وما هو مذموم , ثم أخذ في الحديث عن علم الخلاف والجدل والمناظرة , وعرج بعد ذالك على آداب وأخلاق العالم والمتعلم . وختم كتاب العلم بالحديث عن العقل وحقيقته وتفاوت الناس فيه .
وفي الكتاب الثاني الذي خصصه للحديث عن العقائد سالكا مسكل الأشاعرة في عد الصفات الإلهية , وقد تحدث المؤلف فيه عن حكم علم الكلام واختار أن ذمه بإطلاق او مدحه بإطلاق خطأ , وقد جعل المؤلف بناء الإيمان قائم على أربعة أركان , قام بتوضيحها بعد أن سردها إجمالا وهي :
- الأول : معرفة الله عز وجل
- الثاني : معرفة صفاته
- الثالث : معرفة أفعاله
- الرابع : معرفة أحوال الآخرة وأحكام الإمامة وفضل الصحابة
ثم أخذ الإمام الغزالي يتحدث في كتابه الإحياء عن أسرار الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج , فكان صنيعه مختلفا نوعا ما عن صنيع الفقهاء , فهم قد اقتصروا على ذكر الشروط والأركان والمبطلات والفرائض والسنن , وهو قد زاد عليهم أشياء من أحوال القلوب ومعاملة الله عز وجل ففي كتاب الطهارة مثلا يذكر أن الطهارة على أربع مراتب منها تطهير الجوارح من الآثام والقلب من الأخلاق المذمومة وتطهير السر عما سوى الله .
وفي أسرار الصلاة مثلا فإنه يتحدث عن الخشوع وحضور القلب فيها , ومكانته في الصلاة وأهميته فيها , وما هي الأسباب المعينة على حضور القلب , وقد حاول الإمام أن يوضح ما الذي ينبغي إستحضاره عند كل فعل من أفعال الصلاة .وهكذا فعل في كل العبادات يحاول فيها أن يربط الظاهر بالباطن .
وبعد ان انهى الحديث عن أركان الإسلام وشعائره الظاهرة أنتقل للحديث عن تلاوة القرآن وآدابها , وعن الذكر والدعاء والأوراد منبها في كل مرة ما يجب أن يتحلى به الإنسان من اعمال الباطن فيها .
في ربع العادات ذكر الإمام الأخلاق التي ينبغي ان يتحلى بها المؤمن في معاملاته مع الخلق , محاولا كشف أسرارها ودقائق وخفايا الورع فيها .
ربع المهلكات والمنجيات
وهو الشطر الثاني من الكتاب وكل ربع منهما يحتوي على عشرة كتب , بدأها المؤلف بمقدمتين تحدث في الأولى منهما عن عجائب القلب وأحواله , وفي الثانية تحدث عن كيفية ترييضه وتصفيته وتهذيب أخلاقه .
وفي هذين الربعين كانت أهم مصادر الإمام الغزالي لكتابه هي :
- الرعاية للحارث المحاسبي
- قوت القلوب أبو طالب المكي
- رسائل إخوان الصفا
- الشفا لابن سينا
- الحلية أبو نعين الأصفهاني
- الرسالة القشيري
- اللمع أبي نصر السراج
أبرز الكتب التي اهتمت بكتاب إحياء علوم الدين
لقد تباينت الآراء كثيرا حول هذا الكتاب منذ أن ظهر , ففريقا عده من أفضل الكتب وأثنى عليه , وفريق ذمه كثيرا حتى أفتى بإحراقه , وفريق ثالث حول تنقيته للإستفادة مما فيه .
فهذه بعض مما قيل فيه لتدرك مدى التفاوت في تقييم هذا الكتاب , فأنصاره قالوا فيه (( كاد الإحياء أن يكون قرآنا )) وقال بعضهم (( لو بعث الله الموتى لما أوصوا الأحياء إلا بالأحياء )) وعلى الطرف الثاني فقدسماه بعضهم (( إماتة علوم الدين )) , وامر بعضهم بإحراقه , وبين الطرفين توسطتت طائفة فقامت بتهذيبه وحذف ما أخذ عليه .
أما عن أبرز الكتب التي اهتمت بخدمته , فكتاب (( إتحاف السادة المتقين )) للزبيدي , وكتاب (( المغني عن حمل الأسفار في الأسفار )) وهو كتاب للحافظ زين الدين العراقي قام بتخريج آحاديث إحياء علوم الدين , بيان الضعيف والصحيح والموضوع منها , وقد أثنى على الكتاب , وقد حاول الحافظ العراقي أن يجيب عن بعض إشكالات كتاب الإحياء وهو إكثار من الأخبار والآثار الضعيفة والمكذوبة .
علق الحافظ العراقي عن هذا بأن أكثر ما ذكر ه الغزالي ليس موضوعا , وأما الموضوع منها فالغزالي يعلقه فيقول يروى , ثم رد على من ينتقد إيراده الآحاديث الضعيفة فيه , بأن المتقرر جواز العمل بها , وأن أئمة حفاظا اشتملت كتبهم على الضعيف من الآحاديث منبهين على ضعف بعضها وساكتين عن البعض الآخر .
ومن الكتب التي اهتمت بكتاب الإحياء مدحا وثناء فكتاب (( تعريف الأحياء بفضائل الإحياء )) للإمام العيدروس , وقد قسم كتابه لثلاثة أقسام , القسم الأول سماه مقصدا وفيه ذكر فضل الكتاب وبعضا من المدح والثناء عليه من علماء , وتحدث عما استشكل على الكتاب فقال أن المصنف قد أجاب عنها في كتابه (( الإملاء عن إشكالات الإحياء ))
وأما أبرز العلماء الذين طعنوا في كتاب الغزالي , فعلى رأسهم تلميذه الإمام أبو بكر ابن العربي , والذهبي وابن الجوزي وابن تيمية وغيرهم , وأما عن أبرز المؤلفات التي انتقدت الكتاب (( إعلام الأحياء بأغلاط الأحياء )) لابن الجوزي , وكتاب (( الكشف والإنباء عن كتاب الإحياء )) للإمام المازري .
وبعض العلماء كان لهم موقفا آخر من الكتاب , فاهتم بفوائد الكتاب خصوصا مع إقبال الناس عليه , فقام هؤلاء بمحاولات لتنقية الكتاب وتهذيبه وإزالة ما فيه من باطل , ومن هؤلاء ابن الجوزي في كتاب سماه (( منهاج القاصدين ومفيد الصادقين )) , وقد قال ان في الإحياء مخالفات لا يعلمها إلا العلماء , ثم جاء بعده ابن قدامة فاختصر كتاب ابن الحوزي في (( مختصر منهاج القاصدين )) , وومن قام باختصار كتاب الإحياء العجلوني والسيوطي , والقاسمي في (( موعظة المؤمنين )) , ثم اهتم بعضهم بهذا المختصر فنقحوه .
ولم يخلوا كتاب إحياء علوم الدين أيضا باهتمام المعاصرين , فمما كتب فيه (( أبو حامد الغزالي وكتابه إحياء علوم الدين رؤية نقدية موضوعية )) .
بين كتاب الإحياء وكتاب منهاج القاصدين ومختصره
كتاب منهاج الصادقين هو الإمام ابن الجوزي رحمه الله , قرر فيه إختصار وتهذيب كتاب إحياء علوم الدين , مع أن ابن الجوزي من المنتقدين لهذا الكتاب , فقد تحدث عنه في تلبيس إبليس , وأفرد له مؤلفا ينتقده فيه كما مر ذكره .
لقد لمس ابن الجوزي اهمية الكتاب وإقبال الناس عليه خاصة في جانبه الوعظي , فقد قام بتنقية وتصفيته نصحا وإشفاقا على قراء الكتاب , وحفظا لهم من الآحاديث الضعيفة خصوصا في الجانب التعبدي , فقد حذف منه ما ضمنه من فضائل الصلوات في أيام وليال معينة , كما قام بحذف حكايات المتصوفة وكلامهم وتوجيهاته المبتدعة , مثل كلامهم عن الفناء والبقاء والزهد وترك المباحات وغيرها .
كلام ابن الجوزي في كتاب إحياء علوم الدين |
لقد تصرف ابن الجوزي في كتاب الإحياء تصرفا كبيرا , فقد حذف منه الكثير مما ذكرنا وأضاف له آحاديثا وآثارا أخرى , كما أنه أضاف إليه بعضا من الفصول والأبواب , وقد يخالفه في بعض ما يذهب إليه كحديث الغزالي عن ترك المباحات والمشتهيات , فذكر ابن الجوزي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب الحلوى والعسل وغير ذالك .
فكان كتابه سلسل في العبارة تضمن فوائد الإحياء خاليا مما قيل في كتاب الإحياء , أما ابن قدامة في مختصر المنهاج فقد حذف الكثير من الأبواب والفصول , إضافة لاختصار العبارات , فكان كتاب الإحياء فيه بعض من التطويل الممل , وكتاب مختصر القاصدين فيه بعض من الإختصار المخل , وكتاب منهاج القاصدين كان وسطا بينهما .