تفسير( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ) من الباب الأول من كتاب التوحيد
قوله تعالى ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ) هي رابع آية من الباب الأول في كتاب التوحيد , وتتضمن الآية تفسير التوحيد بالعبادة وذكر شرط من شروط صحة العبادة .
تفسير واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا |
إختلف الشراح هل هذه هي الآية الرابعة من الباب الأول من كتاب التوحيد , أم آية (( قل تعالوا أتلوا ما حرم .. الآية )) , والراجح أن هذه الآية التي معنا هي الرابعة , والمصنف لم يذكر بقيتها فيحتمل أنه لم يرد منها إلا ما تعلق بالباب , ويحتمل أنه أشار إلى بقيتها لما عنون في المسائل فقال أنها (( آية الحقوق العشرة )) .
قوله (( واعبدوا )) هذا فعل مشتق من عبد يعبد عبادة , وقد حمله ابن عباس على معنى وَحِّدوا , وقد يرجح هذا المعنى في هذا الموضع لأنه قال (( ولا تشركوا به شيئا )) , والذي يقابل الشرك هو التوحيد , ففي الآية جزءين :
- الأول : (( أعبدوا )) وهو يقابل الإثبات في قولنا (( إلا الله ))
- والثاني : (( ولا تشركوا به شيئا )) وهو يقابل النفي في قولنا (( لا إله )) .
فقوله ((واعبدوا )) تحلية وقوله (( ولا تشركوا )) تخلية , فهنا قدم التحلية على التخلية والمشهور العكس والصحيح أن التحلية تحصل بالتخلية والتخلية تحصل بالتحلية , فكل منهما يخدم الآخر فليس بينهما ترتيب .
قوله تعالى (( ولا تشركوا به شيئا )) فيه عمومان :
- العموم الأول : عموم في الشرك يستفاد من النكرة في سياق النهي , والنكرة مضمنة في الفعل المضارع (( تشركوا )) , فالفعل المضارع منسبك من مصدر وزمن والمصدر يحمل على النكرة , فكأنه قال لا إشراكا , فيعم النهي عن الشرك القليل والكثير .
- العموم الثاني : في المشرك به ومستفاد أيضا من النكرة , وهي قوله (( شيئا )) في سياق النهي , فيعم النهي عن كل ما يشرك به فبذالك لم يبق للشرك رائحة .
فالآية نهت عن جميع أنواع الشرك ونهت عن جميع ما يشرك به مع الله من معبودات سواء كان نبيا أو صالحا أو غير ذالك , والعبادة لا تصح إلا بالإخلاص والمتابعة , قال تعالى (( فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )) فالعمل الصالح ما كان موافقا للشرع والإخلاص عدم الإشراك بالله عز وجل في أي طاعة , فيكون العمل باغيا به وجه الله مصروفا له وحده , ومما يدل على أن شرط العبادة هي ترك الشرك أن الله قرن بين الأمر بعبادته والنهي عن الإشراك به في هذه الآية وفي غيرها ودلالة الإقتران هنا معتبرة , فدل على أن عدم الإشراك شرط من شروط صحة العبادة .