تحميل كتاب تحقيق أقوال الفقهاء في بيع المرابحة للآمر بالشراء
تعتمد المصارف الإسلامية أساسا في معاملاتها على بيع المرابحة للآمر بالشراء , وقد أثار هذا الموضوع جدلا كبيرا , وكان من الذين كتبوا حوله الدكتور أيمن علي عبد الرؤوف صالح في بحث نحدثكم عن أهم ما جاء فيه .
تحميل كتاب تحقيق أقوال الفقهاء في بيع المرابحة للآمر بالشراء |
يذكر المؤلف أن هدفه من هذا البحث هو دراسة إستقصائية تحليلية حول مدى صحة نسبة الأقوال في حكم بيع المرابحة للآمر بالشراء لقائليها من العلماء السابقين .
في مقدمته حول هذا الموضوع ذكر أن المعاملات المصرفية في البنوك الإسلامية بكل صورها تعتمد على هذا النوع من البيع , فهي قد تعتمد عليه بوحده أو مركبا مع غيره , وعليه فعمل المصرف الإسلامي ليس شبيها بعمل التاجر , فالتاجر يترصد رواج السلع وكسادها وأسعارها وتوقع مقدار الربح , كما أن عليه أن يتحمل مخاطر الخسارة أو الخسارة إن وقعت .
والبنوك الإسلامية إنما نزعت لبيع المرابح للآمر بالشراء بمجرد التخلص من صورة الربا , فلو أقرض النقد دون دخول السلعة كوسيط لكان عين الربا , فلجأ إلى امتلاك السلعة ولكن بأقصر مدة وأقل خطورة من حيث الخسارة , فلجأ إلى الطلب من العميل أن يطلب السلع وأن يعد البنك بشراء السلعة في حال اشتراها البنك .
فالبحث الذي قام به الدكتور يسعى إلى التأكد من صحة نسبة القول بجواز هذه الصورة من المعاملة لجمهور العلماء المتقدمين , فكان جديد بحث المؤلف أنه قام بدراسة صحة نسبة الأقوال وفي مزيد بيان أقوال العلماء حول المسألة خصوصا علماء السلف منهم . وقد قسم المؤلف بحثه بعد مقمة إلى ثلاث فقرات نبين ما فيها .
الفقرة الأولى في تعريف البيع وتكييفه الفقهي .
لهذا النوع من البيع تسميات مختلفة منها المرابحة المصرفية , المرابحة المركبة وبيع المرابحة للآمر بالشراء , وبيع المواعدة وغيرها وصورة هذا النوع أن يقول الزبون للمصرف إشترى السلعة الفلانية وأعدك بأنني سأشتريها منك ويتم تحديد الثمن بربح معلوم إلى أجل معلوم .
ولهذا النوع من البيع صورتين الأولى : يكون الزبون فيه ملزما بالوفاء بوعده , والصورة الثانية فلا يكون ملزما ويترك له البنك حرية إمضاء العقد أو عدم إمضائه .
وهذه الصورة من البيع كانت معروفة منذ عهد الصحابة والسلف رضوان الله عليهم , ويعتبر الدكتور سامي حمود أول من دعى إلى التعامل به في كتابه (( تطوير الأعمال المصرفية )) .
أما التكييف الفقهي لهذا النوع من البيع , فقد ذكر الدكتور ثلاث أقوال , فالقول الأول أنه مكون من جزئيتين الأولى بيع المرابحة والثانية وعد بالشراء , ويمكن تحليل هذين العنصرين لثلاث جزئيات وهي :
- طلب الزبون من البنك شراء السلعة مع وعده بالشراء
- شراء البنك السلعة نقدا من التاجر
- بيع البنك السلعة للزبون الذي طلب منه ووعده بالشراء
والتكييف الثاني أنه بيع معلق على شرط , فالبائع يقول للبنك إن اشتريت السلعة بكذا فسأشتريها عليك بكذا , وأما التكييف الثالث وهو الذي اختاره المؤلف أنه وكالة بأجر أي أن الزبون يقول للبنك إشتري لي هذه السلعة بكذا وسأعطيك كذا .
الفقرة الثانية : تحقيق أقوال الفقهاء في هذا البيع
ثم انتقل المؤلف بعد ذالك لبيان وتحقيق أقوال العلماء في حكم بيع المرابحة للآمر بالشراء , فبدأ بذكر إضطراب بعض من المعاصرين وعدم تثبت في حكاية الأقول وإغفال بعضها . وذكر أن هذه المسألة كانت حاضرة بقوة في أقوال السلف غائبة في فقه المذاهب عدا الفقه المالكي , وذكر أن أكثر السلف يمنعون هذه المعاملة , ثم نقل كلاما لابن المنذر يذكر فيه اختلاف فقهاء السلف في المسألة مع نسبة الأقوال لقائليها .
ثم انتقل لبيان أقوال العلماء السابقين في المسألة فقسمهم إلى أربعة أقسام , فبدأ بذكر أقوال الصحابة فذكر قول ابن عمر رضي الله عنه , ثم انتقل لذكر أقوال التابعين فذكر قول سعيد ابن المسيب وقتادة والحسن البصري والنخعي وغيرهم , فذكر عشرة أسماء , وختم كلامه عن أقوالهم بنتائج رآها من خلال ما استقرأه .
واما القسم الثالث فذكر أقوال أئمة المذاهب الفقهية , فقد نقل ابن المنذر عن مالك واحمد وإسحاق المنع وعن الشافعي الجواز , وما ميز هذه الدراسة لأقوال الفقهاء أنه يحاول التأكد من صحة نسبة القول , ثم يقوم بالتأكد من معناه وهل قوله يلزم منه فعلا القول بالجواز أو الحرمة , كما أنه يحاول فهم سبب قول الإمام بذالك القول فيشرح وجهة نظره للمسألة .
وأما القسم الرابع فقد ذكر فيه أقوال العلماء من أتباع المذاهب الفقهية المعتمدة , وقد شد انتباه المؤلف أن هذه المسألة غائبة عن الكتب المذهبية إلا كتب المالكية , ولم يجد قولا لأتباع المذاهب إلا في كتاب شرح كتاب الحيل للسرخسي وكتاب أعلام الموقعين لابن القيم , فبدأ كلامه عما قال ابن القيم محللا كلامه شارحا له .
ثم انتقل لما كتبه المالكية فذكر قول ابن رشد والقاضي عبد الوهاب البغدادي , وقد جعلا هذه الصورة من العينة المحرمة , ثم نبه أن بعض من العاصرين لما نقل قول المالكية وقع في خطأين وهما :
الأول : قولهم أن المالكية إنما منعوا هذا النوع إذا كانت المواعدة فيه ملزمة , والصواب أنه يمنعون هذه الصورة إذا كان فيها تسمية للربح
الثاني : بعضهم حمل قولهم في المنع على الوكالة بالشراء , وهذا خطأ ترده نصوص أئمة المالكية .