نظرة شاملة تعينك على فهم كتاب التوحيد وأهم شروحاته
كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب من الكتب التي أخذت إهتماما كبيرا لدى العلماء , فقد قام بشرحه الكثير وأصبحت له شروحات كثيرة , سنعرفك بهذا الكتاب وكيف تفهم تقسيماته وأنواع الشروحات عليه وما ميز كل نوع منها .
أهم محتويات ومسائل كتاب التوحيد
يعتبر كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب فريدا في بابه , فلم يؤلف مثله من قبل ولا من بعد , فالشيخ يعد أول من جمع المسائل المتعلقة بتوحيد العبادة والشرك بالله عز وجل في كتاب مستقل , فمادة الكتاب كانت مبثوثة في كتب التفسير والحديث وكتب أهل العلم وشروحاتهم .
ولكن الشيخ جمع شتاتها في كتاب واحد فكان بالفعل سبقا منه رحمه الله , وما نكتبه عن الكتاب هو نظرة شاملة تعين من يريد قراءته وفهمه أن يتصور محتوياته ومسائله فلذا كان حديثنا حوله في مسائل :
أولا : إسمه الكامل (( كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العباد )) , والمشهور اختصارا بالإسم (( كتاب التوحيد )) , وقد ألفه بعد وفاة أبيه في حريملاء , وقد قيل أنه في حريملاء إنتهى من تأليفه , وبدأ تأليفه في البصرة سنة 1153 هجرية .
كان الداعي لتأليف الكتاب إنتشار الشرك وصرف أنواع من العبادات لغير الله عز وجل في عهد الشيخ , فقد انتشر الشرك واستفحل فطمست معالم الدين بطمس أصل الأصول فيه وهو إفراد الله بالعبادة .
ثانيا : يتحدث الكتاب عن توحيد الله كما هو ظاهر من عنوانه , وتوحيد الله ثلاثة أقسام توحيد ربوبيته وتوحيد ألوهيته وتوحيد أسمائه وصفاته , وقد كان لتوحيد الألوهية ( العبادة ) النصيب الأكبر في هذا الكتاب , فاحتوى الكتاب على بيان التوحيد وما يضاده , ولا يفهم التوحيد إلا بمعرفة ما يضاده , فجاء الحديث فيه أيضا عما يضاد التوحيد إما من أصله كالشرك الأكبر , أوما يضاد كماله الواجب كالشرك الأصغر وبعض البدع القادحة فيه , وما يضاده من المعاصي المنقصة له .
ثالثا : إشتمل الكتاب على سبعة وستين بابا , وقيل ستة وستين بابا , ويرجع الخلاف في الباب الأول هل الباب الأول هو من قوله (( كتاب التوحيد وقول الله تعالى (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )).)) . أما أن ما ذكره هنا هو مقدمة للكتاب , وعلى هذا الرأي يكون الباب الأول هو (( باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب )) , والصواب الأول وعليه فالعنوان الأنسب لهذا الباب هو (( باب وجوب التوحيد )) , أو (( باب بيان حكم التوحيد )) أو ما يقارب هذا المعنى .
ربعا : يبدأ المؤلف بترجمة الباب ترجمة تفيد حكما خاصا , كقوله (( باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب )) فمحقق التوحيد محكوم عليه والحكم الخاص المرتبط به هو (( دخوله الجنة بغير حساب )) , وقد تكون الترجمة مفيدة لحكم عام كقوله (( باب ما جاء في الرقى والتمائم )) فهذا فيه حكم عام , فالرقى منها المشروع ومنها الممنوع , والتمائم فيه التمائم الشركية التي لا نزاع في حرمتها ومنها تمائم ليست شركية إختلف السلف في تحريمها .
وربما جعل النص ترجمة للباب أحيانا , كقوله (( باب قول الله تعالى (( أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون )) , فلم يذكر حكما لا خاصا ولا عاما , بل جعل النص ترجمة مباشرة للباب , والطريقة التي التزم بها المؤلف تشبه طريقة البخاري رحمه الله , لذا فقد شبهه بعض العلماء بصحيح البخاري .
والشيخ محمد بن عبد الوهاب لا يذكر في أبواب الكتاب من الأحاديث والآثار إلا ما صح الإحتجاج به عنده , وفي ختام كل باب يقوم الشيخ بذكر مسائل الباب التي استنبطها مما أودعه فيه من الأحاديث والآيات والآثار فهي بمثابة شرح للباب .
ومما يجدر التنبيه له أن كتاب التوحيد ينتهي تقريبا عند الباب السادس , فيمكن تقسيم الكتاب إلى قسمين :
القسم الأول : يبدأ من بدايته إلى الباب السادس ويعتبر كمقدمة للقسم الثاني , ففي القسم الأول شرح معنى التوحيد وأقسامه ومعنى الشرك وأقسامه .
القسم الثاني : الذي يبدأ من الباب السابع إلى آخر الكتاب , فقد ذكر فيه مسائل جزئية إما لكونها تناقض التوحيد من أصله , أو تناقض كماله الواجب أو كماله المستحب .
أهم شروح كتاب التوحيد وتصنيفها
درس الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب هذا الكتاب على تلاميذه , ثم انتشر في الآفاق وأصبح حجة للموحدين غصة في حلق المشركين , واعتنى به العلماء تدريسا وبيانا وشرحا وهذه الشروح يمكن أن تقسم على ثلاثة أقسام :
القسم الأول : قسم شرح الألفاظ والأدلة وخرج الآثار وربط بينها وبين التراجم , وأصل كل الشروح في هذا الجانب هو كتاب (( تيسير العزيز الحميد )) لحفيده الأول ولكنه لم يكمله , وكل الشروح عالة عليه ثم قام باختصاره وتنقيحه والزيادة عليه حفيده الثاني في كتابه (( فتح المجيد )) .
ثم جاء الشيخ حمد بن عتيق فجمع بين الكتابين وزاد المعاني إيضاحا في كتابه (( إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد )) , ثم كتب ابن القاسم حاشية جمع ما كتبه سابقوه , وزاد تقريرات مفيدة من شيوخه كالشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ ومثله جاء شرح الشيخ العثيمين في كتابه (( القول المفيد )) , وتميز عمن سبقه بمناقشته للمصنف في بعض المسائل فقد يعترض عليه في ربط دليل بترجمة مثلا .
القسم الثاني : وهذا القسم إعتنى بمقاصد الكتاب معرضا عن شرح ألفاظ الآيات والآحاديث , فينظر للمعاني ويتكلم عنها بإسهاب وأبرز من نحى هذا المنحى الشيخ السعدي في كتابه (( القول السديد في مقاصد التوحيد )) , فهو يذكر الترجمة ووجه الربط بينها وبين سابقتهاثم يشرع في بيان المعاني والتأصيلات .
القسم الثالث : قسم إعتنى ببيان وشرح الفوائد والمسائل التي ذكرها المصنف آخر كل باب , وأشهر من كتب في ذالك عبد الله الدويش في كتابه (( التوضيح المفيد لمسائل كتاب التوحيد )) , فهو قد شرح المسائل دون التعرض للتراجم والآيات والأحاديث .