recent
أخبار ساخنة

شرح أحكام المسبوق عند المالكية من شرح مختصر خليل الشيخ مولود السريري

الصفحة الرئيسية

 شرح أحكام المسبوق عند المالكية من شرح مختصر خليل الشيخ مولود السريري


أحكام المسبوق عند المالكية من الشرح الكبير على مختصر خليل للعلامة الدردير , وقد قام الشيخ مولود السرير بالتعليق عليه , ونحن قمنا بتلخيص ما قاله الشيخ مولود على هذا الشرح , مع العلم أن شرح الشيخ يتميز بتأصيل ادلة المذهب وربط الفروع بأصوله .

شرح أحكام المسبوق عند المالكية من شرح مختصر خليل الشيخ مولود السريري


قال الشيخ الدردير في الشرح الكبير (( قوله ( وَكَبَّرَ الْمَسْبُوقُ ) تَكْبِيرَةً غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ( لِرُكُوعٍ ) وَجَدَ الْإِمَامَ مُتَلَبِّسًا بِهِ وَيَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ إنْ أَدْرَكَهَا ( أَوْ سُجُودٍ ) أَيْ وَكَبَّرَ لِسُجُودٍ وَجَدَ الْإِمَامَ بِهِ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أَيْضًا وَلَا يَعْتَدُّ بِرَكْعَةٍ ( بِلَا تَأْخِيرٍ ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ وَلَا يُؤَخِّرُ حَتَّى يَرْفَعَ الْإِمَامُ أَيْ يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ فِي الرُّكُوعِ وَكُرِهَ فِي السُّجُودِ إلَّا أَنْ يَشُكَّ فِي إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ فَيَنْدُبُ التَّأْخِيرُ ( لَا ) يُكَبِّرُ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ( لِجُلُوسٍ ) أَوَّلٍ أَوْ ثَانٍ وَجَدَ الْإِمَامَ بِهِ بَلْ يُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ مِنْ قِيَامٍ وَيَجْلِسُ بِلَا تَكْبِيرٍ )) .


من دخل المسجد ووجد الإمام راكعا فالمطلوب منه أن يكبر تكبيرة الإحرام ثم يكبر للركوع , فإن كبر لتكبيرة الإحرام وركع ولم يكبر للركوع صحت صلاته , وإن كبر للركوع ولم يكبر تكبيرة الإحرام بطلت صلاته . وذهب بعض الفقهاء أن المعتبر في إدراك الركوع ركوع المأمونين لا ركوع الإمام .


فإدراك الإمام راكعا يكون بأدنى ما يسمى ركوعا , وهذا كاف في تحصيل إدراك الركعة , لأن المطلق يحصل بأقل مراتبه , فلو حصل مع الإمام الركوع ولم يحصل معه الإطمئنان بل حصله بعد رفع الإمام , فقد صح أنه أدرك الركعة . فليس بشرط أن يحصل المقتدي مع الإمام جميع الركن , فمن أدرك الركوع فقد أدرك الصلاة .


وهنا مبحث فإما أن ننظر للركوع على أنه مطلق فهو يحصل بأقل مراتبه , وأما إن اعتبرناه حقيقة شرعية حينها فالركوع الشرعي لا يكون إلا بالإطمئنان , ولكن هنا أخذوا بالمطلق .


إذا دخل المسجد ووجده ساجدا فحاله كمن دخل ووجد الإمام راكعا , فيكبر تكبيرة الإحرام ثم يكبر للسجود , لأن هيئة السجود مشروع لها الركوع بالأصالة , فالتكبير هنا تكبير للركن .


فمن دخل فعليه أن لا ينتظر بل أن يلتحق بالإمام ويحرم التأخير لما فيه من طعن في الإمام , فلربما دخل شخص ورأى هذا لا يصلي قد يقول هو لا يريد الصلاة مع الإمام لأمر ما . 


قوله (( ( وَقَامَ ) الْمَسْبُوقُ لِلْقَضَاءِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ ( بِتَكْبِيرٍ إنْ جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ ) أَيْ ثَانِيَةِ الْمَسْبُوقِ بِأَنْ أَدْرَكَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ جَلَسَ فِي أَوَّلَاهُ كَمُدْرِكٍ الرَّابِعَةَ أَوْ الثَّالِثَةَ مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ الثَّانِيَةَ مِنْ ثُنَائِيَّةٍ أَوْ جَلَسَ فِي ثَالِثَتِهِ كَمَنْ فَاتَتْهُ الْأُولَى مِنْ رُبَاعِيَّةٍ قَامَ بِلَا تَكْبِيرٍ لِأَنَّ جُلُوسَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِمُوَافَقَةِ الْإِمَامِ وَقَدْ رَفَعَ مَعَهُ بِتَكْبِيرٍ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْقِيَامِ . ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ الْمَفْهُومِ قَوْلَهُ ( إلَّا مُدْرِكَ التَّشَهُّدِ ) الْأَخِيرِ أَوْ مَا دُونَ رَكْعَةٍ فَيَقُومُ بِتَكْبِيرٍ لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحٍ صَلَاةً )) .


والقاعدة أن من حصل مع الإمام ركعتين فإنه يكبر للركوع , ومن حصل ركعة واحدا مع الإمام فلا يكبر لأن جلوسه هنا كان لضرورة متابعة الإمام . وبعض العلماء يرى أن هذا التفصيل لا حاجة له فقال أنا أفتي العامة بالتكبير في جميع الأحوال لأن التفصيل يشوش عليهم ويشق على عقولهم , وهذا المذهب أليق بالعوام . وإذا أراد أصحاب التفصيل ذالك فصل لهم  هذا التفصيل . فالقاعدة في التفصيل أن التكبير إن وجد محله فعل وإلا فلا .


قال الشارح (( ( وَقَضَى ) هَذَا الْمَسْبُوقُ بَعْدَ تَمَامِ سَلَامِ إمَامِهِ ( الْقَوْلَ ) الَّذِي فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ الْقِرَاءَةُ بِأَنْ يَجْعَلَ مَا فَاتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَمَا أَدْرَكَهُ آخِرَهَا ( وَبَنَى الْفِعْلَ ) وَهُوَ مَا عَدَا الْقِرَاءَةِ بِأَنْ يَجْعَلَ مَا أَدْرَكَهُ مَعَهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَمَا فَاتَهُ آخِرَهَا فَيَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ وَيَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالْأَفْعَالِ )) .


هذه المسألة كثر فيها الإختلاف في المذاهب وسبب الخلاف هي الأحاديث الواردة فيها , فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله (( فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا )) وفي رواية (( وما فاتكم فاقضوا )) , وكلا الروايتين صحيحتين . والمشكلة التي وقعت بين المحدثين هو مدى صحة لفظة فاقضوا هل هي شاذة أم زيادة ثقة مقبولة .


المالكية اختاروا الجمع بين الحديثين , فجعلوا حديث القضاء في الأقوال وحديث البناء في الأفعال , وهذه الطريقة في الجمع بين الحديثين تسمى طريقة الجمع بالمناسبة وهي طريقة سلكوها في فروع عدة . فالمالكية قد صاروا لهذه الطريقة بعد أن رأوا مرتبة الجمع ممكنة فقدمت على الترجيح . 


فالشافعية مذهبهم الإتمام فهم يرون أن لفظة فاقضوا شاذة والصحيحة أن الرواية جاءت بلفظة (( فأتموا )) عندهم فأخذو برواية الأكثر , فهذا مسلكهم ولهم مسلك آخر وهو الجمع فقالوا الإتمام يعني أن هناك نقصا وبالتالي فإن هذا الذي أدركه المصلي هو أول الصلاة وعليه إتمام ما بقي منها , وأما القضاء فقالوا القضاء هنا بمعنى الأداء وهو من المجاز المشهور , قال تعالى (( فإذا قضيتم مناسككم )) أي فرغتم من مناسككم , وكذالك قوله (( فإذا قضيتم الصلاة )) فنرجع إلى المعنى اللغوي . فالشافعية فسروا القضاء بمعنى الإتمام والأداء . فالشافعية سلكوا مسلك الحمل أي حمل اللفظ على المعنى الآخر ليرفعوا التعارض .


وأما من حيث النظر فقد اعتمد الشافعية على جملة من الأدلة منها إستصحاب الهيئة , فقد قالوا السلام لا يكون إلا بعد التشهد مما يعني أن ما يفعله المسبوق بعد سلام الإمام هو آخر صلاته , وأيضا إستصحاب تكبيرة الإحرام فلا يكون بعدها إلا أول الصلاة .


إلا أنه ينبغي أن لا نغفل عن هذه الحقيقة وهي , أن الصلاة التي ترتبت في الذمة مكونة من السورة والفاتحة فهكذا وجدت , فيجب التمسك بهذا لأن هذه هي الحقيقة الشرعية فلا يخرج عنها إلا بدليل , فإذا ادرك المصلي ركعتين من الصلاة وأخذ بمذهب الإتمام , فإنه سيصلي ركعتين أخريين بفاتحة فقط دون السورة , فيكون في الصلاة أربع ركعات دون فاتحة , وهي صورة مخالفة لحقيقة الصلاة , فأصل الصلاة فاتحتين وسورتين وفاتحتين فينبغي التمسك بهذا الأصل , فهذا أهم مستند للفقيه في المسألة .


فالذي يناسب الحقيقة الشرعية هنا هو قضاء هذه الأقوال أما كون الفاتحة تأخرت ولم تفعل في وقتها فبسبب الإقتداء الذي أثر في هذه الصلاة , فالمعتمد عند المالكية هو الجمع بين الأدلة واستصحاب هيئة الصلاة الأصلية . وأما المذاهب الأخرى فكليهما قد أسقط الهيئة الأصلية للصلاة بلا دليل والإقتداء لا يسقط الهيئة الأصلية , فما أسقطه الإقتداء من هيئات الصلاة منصوص عليه وهو وجوب الفاتحة عند المالكية .


الأمر الثاني أن حمل القضاء على الأداء لا يمنع من حمل الأداء على القضاء , فإن قلت لأن رواية الأداء أقوى سيقول لك العبرة في الفقه بالثبوت , وأما الرجحان فيكون عند استحالة الجمع .


فإذا تقرر هذا عند المالكية فإنه ينبني على هذا صورا من الأحكام الفقهية ذكرها المصنف , فقال (( فَمَنْ أَدْرَكَ أَخِيرَةَ الْمَغْرِبِ قَامَ بِلَا تَكْبِيرٍ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهُ قَاضِي الْقَوْلِ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهُ بَانٍ فِي الْفِعْلِ ثُمَّ بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهُ قَاضِي الْقَوْلِ وَمَنْ أَدْرَكَ الثَّانِيَةَ مِنْهُ أَتَى بِرَكْعَةٍ كَذَلِكَ وَمَنْ أَدْرَكَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْعِشَاءِ قَامَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَأَتَى بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَوْلِ ثُمَّ يَجْلِسُ لِأَنَّ الَّتِي أَدْرَكَهَا كَالْأُولَى بِالنِّسْبَةِ لِلْفِعْلِ فَبَنَى عَلَيْهَا ثُمَّ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهَا الثَّانِيَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَوْلِ وَلَا يَجْلِسُ لِأَنَّهَا الثَّالِثَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِعْلِ بَلْ يَقُومُ يَأْتِيَ بِرَابِعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ سِرًّا وَمَنْ أَدْرَكَ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْهَا أَتَى بِرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا , وَمَنْ أَدْرَكَ ثَانِيَةَ الصُّبْحِ قَنَتَ فِي رَكْعَةِ الْقَضَاءِ وَيَجْمَعُ فِي الْقَضَاءِ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ كَمَا تَقَدَّمَ )) .


قال المؤلف (( ( وَرَكَعَ ) أَيْ أَحْرَمَ نَدْبًا ( مَنْ خَشَى ) بِاسْتِمْرَارِهِ بِسَكِينَةٍ إلَى دُخُولِ الصَّفِّ ( فَوَاتُ رَكْعَةٍ ) إنْ لَمْ يُحْرِمْ ( دُونَ الصَّفِّ ) مَعْمُولُ رَكَعَ ( إنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ ) أَيْ إدْرَاكَ الصَّفِّ فِي رُكُوعِهِ دَابًّا إلَيْهِ ( قَبْلَ الرَّفْعِ ) أَيْ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنْ لَمْ يَظُنَّ إدْرَاكَهُ قَبْلَهُ تَمَادَى إلَيْهِ وَلَا يَرْكَعُ دُونَهُ فَإِنْ فَعَلَ أَسَاءَ وَأَجْزَأَتْهُ رَكْعَتُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَخِيرَةَ فَيَرْكَعُ دُونَهُ لِئَلَّا تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ فَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ ( يَدِبُّ ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ يَمْشِي . وَلَوْ خَبَبًا ( كَالصَّفَّيْنِ ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا يَحْسِبُ مَا خَرَجَ مِنْهُ أَوْ دَخَلَ فِيهِ ( لِآخِرِ فُرْجَةٍ ) إنْ تَعَدَّدَتْ سَوَاءٌ كَانَتْ أَمَامَهُ أَوْ يَمِينَهُ أَوْ شِمَالَهُ ( قَائِمًا ) فِي رَكْعَتِهِ الثَّانِيَةِ إنْ خَابَ ظَنُّهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ فِي دَبِّهِ لِلرُّكُوعِ لَا قَائِمًا فِي رَفْعِهِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ ( أَوْ رَاكِعًا ) فِي أُولَاهُ حَيْثُ لَمْ يَخِبْ ظَنُّهُ فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ فَلَوْ قَالَ رَاكِعًا أَوْ قَائِمًا فِي ثَانِيَتِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ ( لَا ) يَدِبُّ ( سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا ) لِقُبْحِ الْهَيْئَةِ )) 


هل يجوز لمن دخل المسجد والإمام راكع أن يركع دون الصف , في هذه المسألة تفصيل , فإذا كان يظن أنه سيدرك الإمام في الركوع , فهذا يحق له أن يكبر ويركع ليحصل فضيلة الركعة فقدموا فضيلة الركعة على فضيلة الصف , ولكن هل يَدِبُّ حال الركوع , الأصح في المذهب لا , فلا يدب إلى الصف في حال الركوع , فلو دب إلى الصف لربما نزع يديه عن ركبتيه , والدبيب مشية كمشية المقيد الذي في رجله قيد أو الإنسان الكبير في السن  فلا يطول الخطوات . ولكن قبل أن يكبر بنبغي ان ينظر للمسافة فإن كان بينه وبين الموضع الذي يذهب إليه صف واحد او صفين جاز وإلا فلا يجوز . وذهب بعضهم أنه يدب ولو في حال الركوع , والمتفق عليه أنه يجوز له أن يدب حين رجوعه من السجود ليقرأ الفاتحة . 

google-playkhamsatmostaqltradent