بعض ملامح تعليمية الرياضيات والنموذج البنائي في تدريسها
تعبر مادة الرياضيات من أكبر المواد المتسمة بالدقة والموضوعية في نتائجها , ولا تكاد تخلوا مدرسة أو منظومة تربوية أو تعليمية من تدريس هذه المادة , ولذا فقد كان لها ارتباط وثيق مع التعليمية العامة الديدكتيك .
بعض ملامح تعليمية الرياضيات والنموذج البنائي في تدريسها |
إن تعليمية الرياضيات تندرج ضمن التعليمية العامة , فما هي إلا فرع عن أصل , وتهتم التعليمية العامة بطرق التدريس وتقنياته , وتنظيم عمليات التعلم التي يخضع لها التلميذ للوصول به لأهداف مقصودة على المستوى العقلي ، أو الوجداني أو الحسي حركي .
أما التعليمية الخاصة بمختلف فروعها فهي تهتم بالنشاط التعلمي في الفرع المرتبط بها , لذا فيمكن القول أن تعليمية الرياضيات فرع من علوم التربية يهتم بدراسة أفضل السبل لتبليغ هذا العلم ، فهو يعتمد كغيره على بعض المفاهيم التربوية كالعقد التعليمي , والنقلة التعليمية , وتاريخ العلوم , والاستراتيجية في التدريس , والتفاعل بين الأقطاب الثلاثة للعملية التعليمية ( المعلم , المتعلم , المعرفة ) أو الوضعية التعلمية .
تصنيف المعرفة الرياضية :
قديما كانت المعارف الرياضية تدرج ضمن الحساب والجبر والهندسة , أما اليوم فلم يعد لهذا التصنيف قبولا عند الإخصائيين . فالمنهاج المدرسي مرتبط ارتباطا وثيقا بالناحية العملية ، فلجأ الإخصائيون لتصنيف المعرفة الرياضية بحسبر مكوناتها ووحدة بنائها الرياضي بدمج فروعها المختلفة في صورة هرمية ، فحددت أنماط المعرفات الرياضيات التي يتضمنها المنهاج المدرسي وهي :
- المفاهيم والمصطلحات.
- المباديء والتعميمات.
- الخوارزميات والمهارات.
- التطبيقات والمسائل الرياضية
القواعد والقوانين العامة لتدريس الرياضيات :
من أجل الوصول بالتلميذ بيسر وسهولة إلى المفاهيم الرياضية المختلفة المحددة في المناهج الرسمية , ينبغي التقيد بقوانين وضوابط عاماة تسهل هذا البناء التعلمي وهي :
أ- التفاعل مع الواقع : فمحاولة ربط المفاهيم الرياضية بالواقع المعاش يسهل إكتسابها أكثر فأكثر , ويسهل إستيعابها للتلميذ ويشعره بأهمية ما يتلقى وبضرورة فهمه .
ب- المعرفة بنائية وليست تراكمية : ينبغي التأكد جيدا أن المعارف القديمة مبنية بناء متينا , فهي مكتسبات صحيحة لدى التلميذ , وبذالك يمكن إستغلال هذه المعارف لتبنى عليها معارف جديدة , فتكون المعارف القديمة كالأساس المتين للمعارف الجديدة .
ت- العوائق التعليمية : تتميز المفاهيم الرياضية بأن إكتسابها يحتاج لشئ من الجهد والتفكير , فينبغي جعل هذه المفاهيم تكتسب عن طريق حل مشكلات تشكل عراقيل بداية لدى التلميذ , مما يجعله يبذل جهده كله , ويستدعي ما يمكن من معارف لبناء هذه المفاهيم وتطويرها .
ث- المعارف الرياضية الضمنية : لا يمكن في الكثير من الأحيان إعتبار ما يسمعه التلميذ من مفاهيم رياضية هي أول ما يسمعه . فلا يمكن مثلا إعتبار التلميذ أنه لم يسمع بالأعداد , أو الدائرة , أو المربع , فللوسط العائلي وللمحيط الإجتماعي دور في تلقين بعض المفاهيم سواء كانت خاطئة أم صحيحة , فلا ينبغي تجاهل هذا المؤثر.
ج- مكانة الخطأ الجوهرية : يعتبر الخطأ منطلقا جيدا لبناء المعارف الرياضية وتقويمها . فهو مرتكز جيد للمعلم للإنطلاق , ومعرفة سبب هذا الخطإ . فقد تكون معارف خاطئة تحتاج تصحيح , وقد تكون للأخطاء أبعاد أخرى يدركها المعلم .
أدوار معلم الرياضيات في نموذج التعليم البنائي :
ينظر نموذج التعلم البنائب للمتعلم على أنه يبني معارفه بنفسه متأثرا بمحيطه واللغة التي يدرس بها , وأنه له طريقته الخاصة في استيعاب المعلومة فليس من الضروري أن تكون كما يريد أستاذه , فينبغي للأستاذ وفق هذه النظرية أن يهيئ بيئة التعلم , ومساعدة المتعلم على الوصول لمصادر المعلومة .
يعتبر الكثير من الناس حول العالم أن تعلم الرياضيات أمر صعب , لذا فالكثير منهم لا يجد حرجا في الإعتراف بأنه لا يفهمها , تحاول النظرية البنائية أن تتجاوز هذه المشكلة فهي ترى أن الفرد لا بد أن يطور أسلوب الفهم لديه ببذل مجهود أكثر , وبذالك يستطيع هذا الطالب أن ينشئ طريقة خاصة به للفهم .
لذا فإن أدوار معلم الرياضيات مختلفة ومتشابكة كي يتم هذا التعلم البنائي بشكل سليم , ويتم أيضا ربط المفاهيم الرياضية بعضها ببعض , ويتنوع دور معلم الرياضيات بين الأدوار التالية :
أ- المقدم : فهو الذي يقدم الأنشطة للمتعلمين , ويشرح الغامض في العلمية التعلمية من أجل تشجيعهم على إكتشاف المعارف , وإظهار خبراتهم الرياضية واستعمالها لحل المشكلات التي تعترضهم .
ب- المراقب والمنظم : ويكون دوره مراقبة العملية التعلمية بتحديد أفكار المتعلمين , والتفاعل مع تفسيراتهم المقدمة وتوجيه بعضها وتشجيعها , وتنظيم بيئة التعلم وأفكار التلاميذ بغية الوصول للفكرة المطلوبة .
ت- موجه للأسئلة وطارح للمشكلة : وهنا يعتبر كالعنصر المساعد في حدوث عملية التفاعل بين المفهوم الرياضي , وتفكير المتعلم بإثارات إشكالات وطرح أسئلة .
ث- موثق للتعلم : هو الذي يعمل على توثيق تعلم المتعلمين للمعرفة الرياضية ، كما يقيس تطور المهارات الرياضية لديهم .
ج- باني للمعرفة : هو الذي يساعد المتعلمين على تشكيل الروابط بين أفكارهم , وبناء نماذج تمثل المعرفة التي قام المتعلون ببنائها من مفاهيم وتعميمات رياضية مختلفة .