تحميل كتاب السلفية مرحلة زمنية لا مذهب إسلامي مع نبذة تعريفية به للشيخ سعيد رمضان البوطي
كتاب السلفية للشيخ محمد سعيد رمضان البوطي , كتاب حاول فيه مؤلفه أن يعالج مشكلة طالما أثارت جدلا كبيرا في الوسط الإسلامي , لقد أصبحت ميزانا لدى الكثير من الجماعات على إثرها يتم تصنيف الجمعات والأفراد . حاول الشيخ البوطي الإجابة على كثير من الأسئلة المطروحة على الساحة الإسلامية .
تحميل كتاب السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي البوطي
أهم أفكار كتاب السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي |
محتويات الكتاب وأهم ما تضمنه من أفكار
قسم المؤلف كتابه السلفية مرحلة زمنية مباركة إلى تمهيد وثلاثة أبواب , في التمهيد ذكر معنى السلف من حيث اللغة والإصطلاح , ففي الإصطلاح ذكر أن السلف هم أهل القرون الثلاثة الأولى مدعما ذالك بما جاء من آثار عن النبي صلى الله عليه وسلم , مستنتجا أن هذا الفضل الذي خصوا به يقتضي منا أن نلتزم بمنهجهم .
إن فهم النصوص الشرعية لا بد أن يكون وفق المنهج الذي رسموه لنا , وهذا معنى اتباع السلف ولا يعني اتباعهم الجمود على حرفيات نطقوا بها أو جزئيات اتخذوها مواقفا لهم , وبذالك فإن مصطلح السلفية لا يعني إلا الإنضباط بالمنهج العلمي الذي رسموه , وأما إطلاقها على جماعة من المسلمين لها شارات وعلامات مميزة بدعة غير مقبولة .
ثم انتقل المؤلف ليطرح سؤالا على سبيل الجدل مضمونه أنه إذا كان اتباع السلف , يعني الدخول في جماعة فكيف ذالك ؟ هل سنلتزم بما كان عليه السلف من أقوال وأفعال وعادات وسلوكات دون زيادة ولا نقصان ولا تغيير , أما أن الدخول فيها يقتضي الإلتزام بالمنهج العلمي الذي رسموه لفهم النصوص .
لقد بين المؤلف خطأ الجواب الأول , فلم يبق إلا الجواب الثاني ثم ذكر أن المسلمين عبر التاريخ لم يجعلوا من هذا المنهج شارة او علامة لجماعة ما , فقد شهدت المدارس الفقهية معارك أشهرها ما حدث بين مدرسة الرأي ومدرسة الحديث , ومع ذالك ظل الجميع تحت هذا المنهج ولم تنفرد أي جماعة منهم عن جماعة المسلمين مستقلة بآرائها واجتهاداتها .
الباب الأول ظهور المنهج العلمي مع تعريف به .
في هذا الباب ذكر أن الصحابة لم يكونوا بحاجة لتدوين هذا المنهج فهم قد تميزو بميزتين أغنتهما عنه , هاتين الميزتين هما :
- السليقة العربية الصافية من كدر العجمة
- سلامة الفطر الداعية إلى الإذعان للنصوص وعدم المعارضة
ففي الحقيقة أن هذا المنهج كان سليقة فيهم من خلال اللغة , ومن خلال ما عايشوه من تطبيق رسول الله لأحكام الشرع , ثم شرع المؤلف في مبحث آخر لبيان عوامل ظهور المنهج العلمي لفهم النصوص فجعلها أربعة عوامل وهي :
العامل الأول : إتساع رقعة العالم الإسلامي جراء الفتوحات , مما أدى إلى ظهور عادات وتقاليد جديدة وأوضاع إجتماعية جديدة , فأدى إلى ظهور حلقات التعليم وما استتبعها من محاولات للتدقيق في غوامض النصوص ومتشابهها .
العامل الثاني : دخول الكثير من علماء الديانات الأخرى كاليهودية والمسيحية والبوذية وغيرها , مما أدى إلى وجود جدل في بعض القضايا الدينية .
العامل الثالث : إنتشار الإسلام ودخول اللآلاف فيها أدى إلى وجود الحاجة لفتح باب الرأي , بعد أن كان منبوذا مقفلا .
العامل الرابع : ظهور الزندقة وحب الجدل وإثارة الشبهات , وهذا قد ظهر آخر عهد الصحابة وأخذ في الإنتشار أكثر بعدهم .
لقد أدت هذه العوامل إلى ظهور القول بالرأي واتساعه , وظهوره الجدل في ميدان العقيدة , وقد ظهرت في الفقه مدرستين مدرسة الحديث ومدرسة الرأي , ونشأ بذالك اضطراب كبير في مدى مشرويعة الأخذ بالرأي في الإجتهاد وما هي ضوابط ذالك وشروطه .
ومن ثم فقد احتاج المسلمون لمنهج علمي لضبط الإجتهاد , فقام العلماء باستنباط معالم هذا المنهج الذي سيتكفل بحل هذه المشكلة , ويقوم هذا الميزان على ثلاث مراحل وهي :
الأولى : التأكد من صحة النصوص المنقولة إلينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , ويتم ذالك من خلال قواعد علم الحديث لمعرفة المقبول منها والمردود .
الثانية : فهم معاني تلك النصوص ومراد المتكلم , ويتكون هذا الميزان من مدخل ولباب وتتمة , اما المدخي فيتم الحديث فيه عن مصادر التشريع , وأما المدخل فهو مجموعة من القاواعد المستمدة من اللغة العربية وتنقسم لقسمين قواعد الدلالات وهذه تهتم بالألفاظ وانواعها وتقسيماتها , وقواعد البيان وهي قواعد التأويل والتعارض والترجيح , وأما التتمة فيتم الحديث فيها عن الإجتهاد والتقليد والفتوى , فهذا المنهج يجمعه علم أصول الفقه أو قواعد تفسير النصوص .
ثم انتقل الشيخ البوطي في كتابه السلفية مرحلة زمنية مباركة للحديث عن نقاط الإتفاق ونقاط الإختلاف في هذا المنهج , أي في علم أصول الفقه فذكر أمثلة للقواعد المختلف فيها لدى العلماء فذكر :
قاعدة المجاز إذا كثر أو شاع فإنه يصبح حقيقة , فذكر اختلافهم في تفسير معنى كثر أو شاع فبعضهم فسره بأن الحقيقة تصبح مهجورة وبعضهم قال يكفي ان يسبق للذهن وإن لم تهجر الحقيقة .
- قاعدة مفهوم المخالفة وخلافهم في القول به .
- قاعدة الأمر المجرد عن القريتة هل يفيد الوجوب أم لا ؟
- دلالة الصيغة النهي على الفساد والبطلان ومدى اختلافهم في ذالك .
- إختلافهم في كثير من مباحث العام والخاص والمطلق والمقيد .
الباب الثاني : تطبيقات عملية للمنهج العلمي في تفسير النصوص
في هذا الباب من كتاب السلفية مرحلة زمنية مباركة , حاول المؤلف في هذا الباب أن يوضح أن هذا المنهج أعني أصول الفقه أفرز ثلاث أنواع من الأحكام وهي .
النوع الأول : أحكام ليست مجالا للإجتهادات ولا سبيل فيه للإختلاف , وذكر أبرز هذه الأصول فأوصلها إلى ستة عشر أصلا لا يجوز الإختلاف فيها .
النوع الثاني : أقوال واجتهادات باطلة وشاذة ومردها لثلاثة أشياء إما رفض لحقيقة الإسلام , أو غلو وهى نفسي , أو تأويل باطل لا يستند للمنهج , وقد ذكر الشيخ البوطي أمثلة لهذه التأويلات الباطلة والشاذة .
النوع الثالث : مسائل وأقوال لم يتبين فيه الحق بصورة قطعية , وفي هذا النوع لا يجوز فيه التفسيق ولا التبديع ولا التحزب على هذه الأقوال , وقد ذكر الشيخ أمثلة هي محل جدل كبير في وقتنا الحاضر وأرجع هذه الأمثلة لأصول ثلاثة وهي :
- الأصل الأول المتشابه من النصوص وما تندرج تحته من آيات الصفات وآحاديثها , وقد قال أن المتفق عليه والمتيقن فيه أنه يحرم تأويلها إلى معنى يثبت لله ندا أو شبيها , وعدم تعطيل دلالتها اللغوية , فلا بد إذن من تأويل يتوافق مع مبدأ التنزيه وهو إما تأويل إجمالي أو تأويل تفصيلي والمؤلف جنح لتقسيم الأشاعرة .
- الأصل الثاني : البدعة ومعناها وحكمها , فذكر الإختلاف في تحديد معنى البدعة غير ان هناك جامع بين هذه التعاريف , ومكمن الخلاف في هذه الجزئين أمرين وهما : هل تدخل العادات في البدعة ؟ , وتطبيق مفهوم البدعة على الوقائع أي تحقيق المناط , وتظهر المشكلة في نواح منها التزيد في العبادات , والحديث عن دقائق القضاء والقدر وخلق الأفعال وغيرها من المسائل لأجل مناقشة المناهج المنحرفة .
- الأصل الثالث : التصوف وما يتعلق به من مسائل مثيرة للجدل , كالطرق والأعمال الصوفية كالتداعي لحلقات الذكر , وبعض من الأفاظ الصوفية كالحال والبسط والفناء والبقاء وغيرها .
وبعد ان عرض الشيخ ما في هذا الباب قام بتلخيص ما فيه فذكر أن المهتدين تمسكوا بالكتاب والسنة , ولفهمها احتكموا للمنهج العلمي الذي وضعه السلف ( علم أصول الفقه ) , وأما الذين ضلوا الطريق فقد خالفوا هذا المنهج ولا ينفعهم إدعاؤهم التمسك بالكتاب والسنة , ثم إن أولئك المهتدين مع اتفاقهم في المنهج إلا أن ذالك لا يمنع من ظهور اختلافات في فروع فقهية أو اعتقادية لا توجب تضليلا ولا تصنيفا ولا تبديعا .
الباب الثالث التمذهب بالسلفية بدعة .
في هذا الباب من كتاب السلفية مرحلة زمنية مباركة بدأ الشيخ البوطي حديثه عن الفرق بين التمذهب بالسلفية واتباع السلف , فجعل التمذهب هو الجمود على بعض الآراء الإجتهادية سواء كانت في ميدان العقيدة أو الفقه وجعلها ميزانا للهدى والضلال , وأما اتباع السلف فهو لزوم منهجهم في فهم نصوص الكتاب والسنة , وهذا المنهج هو منهج تفسير النصوص ( علم أصول الفقه ) .
ثم عرج على نقطة أخرى بين فيها أن التمذهب بالسلفية بدعة لم تكن معروفة في تاريخ الأمة الإسلامية أبدا , إنما ظهرت حديثا وأصبح لأتباعها مجموعة من الآراء الإجتهادية جعلوها مقياسا ومعيارا للضلال والهدى , ولم يقبل الرأي الآخر المخالف والذي هو في دائرة المنهج العام .
وفي كلمة أخيرة من هذا الباب عرج الشيخ على الآثار السلبية جراء هذا التمايز عن جماعة المسلمين , فذكر بعذا منها وهي :
- الأذى الذي سببوه لكثير من إخوانهم وظهور جدل محتدم حول جزئيات إجتهادية أدى إلى التفرق والتنابز وأحيانا الخصومات الجسدية واللفظية في كثير من الدوائر الإسلامية والمساجد .
- إستغلال أصحاب المذهب المركسي لهذه الظاهرة لتأكيد تفسيراتهم للتاريخ الإسلامي , فالتحولات التاريخية تعتمد عندهم على صراع المتناقضات , فالتاريخ الإسلامي في نظرهم قد حوى نزعتين متناقضتين , نزعة تسعى للحفاظ على ما هو قديم ونزعة أخرى تتقبل الجديد وتسعى للتطوير , ثم يصلون للنتيجة أن الإسلام هو حصيلة صراع أفكار إنسانية كغيره من الأفكار .