recent
أخبار ساخنة

القنوت في الصبح في المذاهب الأربعة أقوالهم ومآخذهم في الاستدلال

الصفحة الرئيسية

 

القنوت في الصبح في المذاهب الأربعة أقوالهم ومآخذهم في الاستدلال

مسألة القنوت في صلاة الصبح من المسائل الفقهية الفرعية الإجتهادية التي اختلف الفقهاء فيها سلفا وخلفا .

قال الحافظ زين الدين العراقي (( وَبِالْجُمْلَةِ فَمَسْأَلَةُ الْقُنُوتِ مِنْ مَسَائِلِ الِاخْتِلَافِ الَّتِي تَعَارَضَتْ فِيهَا الْأَدِلَّةُ وَأَفْرَدَهَا النَّاسُ بِالتَّصْنِيفِ فَصَنَّفَ ابْنُ مَنْدَهْ تَصْنِيفًا فِي إنْكَارِهِ وَأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَصَنَّفَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ تَصْنِيفًا فِي اسْتِحْبَابِهِ وَأَنَّهُ سُنَّةٌ وَالْأَدِلَّةُ مُتَعَادِلَةٌ ، وَمَنْ أَثْبَتَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ نَفَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ )) طرح التثريب ج 2 ص 290 .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (( وَلِهَذَا يَنْبَغِي لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَتْبَعَ إمَامَهُ فِيمَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ فَإِذَا قَنَتَ قَنَتَ مَعَهُ وَإِنْ تَرَكَ الْقُنُوتَ لَمْ يَقْنُتْ))  مجموع الفتاوي ج 23 ص 115 فانت ترى فابن تيمية رحمه الله يعدها من المسائل الإجتهادية التي الأمر فيها واسع وهذا الذي صرح به تلميذه ابن القيم فبعد أن رجح القول أن القنوت لا يكون إلا في النوازل قال (( وَمَعَ هَذَا فَلَا يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ دَاوَمَ عَلَيْهِ، وَلَا يَكْرَهُونَ فِعْلَهُ، وَلَا يَرَوْنَهُ بِدْعَةً، وَلَا فَاعِلَهُ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ، كَمَا لَا يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَهُ عِنْدَ النَّوَازِلِ، وَلَا يَرَوْنَ تَرْكَهُ بِدْعَةً ، وَلَا تَارِكَهُ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ، بَلْ مَنْ قَنَتَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ تَرَكَهُ فَقَدْ أَحْسَنَ )) زاد المعاد ج 1 ص  266 ، ثم ذكر أمثلة من المسائل المختلف فيها بين الفقهاء ثم قال (( وَهَذَا مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ الَّذِي لَا يُعَنَّفُ فِيهِ مَنْ فَعَلَهُ وَلَا مَنْ تَرَكَهُ ))  فجعله من الإختلاف المباح ، ومثله قال به الحافظ ابن حجر في فتح الباري وسيأتي النقل عنه ، ثم قال الإمام ابن القيم (( فَإِذَا قُلْنَا لَمْ يَكُنْ مِنْ هَدْيِهِ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ، وَلَا الْجَهْرُ بِالْبَسْمَلَةِ ، لَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى كَرَاهِيَةِ غَيْرِهِ ، وَلَا أَنَّهُ بِدْعَةٌ )) .

قال الإمام ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (( إِنَّا لَمْ نَقُلْ إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْقُنُوتِ فِي كُلِّ صَلَاةِ صُبْحٍ، وَإِنَّمَا قُلْنَا : الْقُنُوتُ فِيهَا حَسَنٌ، فَإِنْ قَنَتَ فِيهَا قَانِتٌ فَبِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمِلَ ، وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ تَارِكٌ ، فَبِرُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ. وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْنُتُ فِيهَا أَحْيَانًا، وَيَتْرُكُ الْقُنُوتَ فِيهَا أَحْيَانًا ... وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ عِنْدَنَا فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ مِنَ الِاخْتِلَافِ، فَإِنَّ سَبِيلَ الِاخْتِلَافِ عَنْهُمْ فِيهِ، سَبِيلُ الِاخْتِلَافِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْنُتُونَ أَحْيَانًا عَلَى مَا رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَأَحْيَانًا يَتْرُكُونَ الْقُنُوتَ عَلَى مَا عَهِدُوهُ يَتْرُكُ ، فَيَشْهَدُ قُنُوتَهُمْ فِي الْحَالِ الَّتِي يَقْنُتُونَ فِيهَا قَوْمٌ، فَيَرْوُونَ عَنْهُمْ مَا رَأَوْا مِنْ فِعْلِهِمْ، وَيَشْهَدُهُمْ آخَرُونَ فِي الْحَالِ الَّتِي لَا يَقْنُتُونَ فِيهَا، فَيَرْوُونَ عَنْهُمْ مَا رَأَوْا مِنْ فِعْلِهِمْ، وَكِلَا الْفَرِيقَيْنِ مُحِقٌّ صَادِقٌ )) ج 1 ص 385 .

 

القنوت في الصبح في المذاهب الأربعة أقوالهم ومآخذهم في الاستدلال

سبب إختلاف العلماء ومسالكهم في التعامل مع آحاديث القنوت .

 

الأصل في هذا الباب هو حديث أنس المتفق عليه ، ففي البخاري من حديث عَاصِم ، قَالَ : سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ القُنُوتِ ، فَقَالَ : قَدْ كَانَ القُنُوتُ قُلْتُ : قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ ؟ قَالَ : قَبْلَهُ ، قَالَ : فَإِنَّ فُلاَنًا أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ ، فَقَالَ : « كَذَبَ إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا ، أُرَاهُ كَانَ بَعَثَ قَوْمًا يُقَالُ لَهُمْ القُرَّاءُ ، زُهَاءَ سَبْعِينَ رَجُلًا ، إِلَى قَوْمٍ مِنَ المُشْرِكِينَ دُونَ أُولَئِكَ ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ ، فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ »

وفقه الحديث أن عاصما سأل أنسا عن محل القنوت فظن أنه يسأله عن مشروعيته لا عن محله ، قال الإمام بدر الدين العيني (( فَظن أنس أَنه كَانَ يسْأَل عَن مَشْرُوعِيَّة الْقُنُوت ، فَلذَلِك قَالَ : قد كَانَ الْقُنُوت ، يَعْنِي : كَانَ مَشْرُوعا )) عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج 7 ص 17 ، فسأله عاصم تصريحا عن محل القنوت فقال (( قبل الركوع أو بعده )) ، فأجاب بقوله (( قبل الركوع )) هكذا دون أن يقيده بمدة زمنية أو بحال من الأحوال ، فأخبره عاصم أن بعض الناس ينقل عنه أنه قال القنوت بعد الركوع ، فبين له أنه قد أخطأ فقال (( كذب )) أي اخطأ كما فسرها الشراح ، ثم بين أن هناك قنوتا آخر يكون محله بعد الركوع ، فقال (( إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا)) قال الإمام بدر الدين العيني (( كلمة : إِنَّمَا ، للحصر، وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَن قنوته بعد الرُّكُوع كَانَ محصورا على الشَّهْر)) عمدة القاري ج 7 ص 17 ، قال الإمام ابن القيم (( وَالْقُنُوتُ الَّذِي ذَكَرَهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ غَيْرُ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْدَهُ )) زاد المعاد ج 1 ص 273 .

فيكون هذا الحديث هو الأصل الذي تحمل عليه الروايات الأخرى في القنوت التي جاءت عن أنس ، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (( وَمَجْمُوعُ مَا جَاءَ عَنْ أَنَسٍ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقُنُوتَ لِلْحَاجَةِ بَعْدَ الرُّكُوعِ لَا خِلَافَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا لِغَيْرِ الْحَاجَةِ فَالصَّحِيحُ عَنْهُ أَنَّهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَقَدِ اخْتَلَفَ عَمَلُ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنَ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ )) ج 2 ص 491 .

وهذه بعض الروايات نذكرها ثم نفسرها بما ذكره الحافظ ابن حجر كي تجتمع الروايات عن أنس ولا تضطرب ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَنَسٍ : " هَلْ قَنَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا " فهذا القنوت يحمل على قنوت الحاجة لأنه بعد الركوع ، قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري (( وقوله : ((يسيراً)) يحتمل أن يعود إلى القنوت ، فيكون المراد : قنت قنوتاً يسيراً، ويحمتل أنه يعود إلى زمانه ، فيكون المعنى : قنوته زماناً يسيراً، فيدل على أنه لم يدم عليه ، بل ولا كان غالب أمره ، وإنما كان مدة يسيرة فقط )) ج 9 ص 187 ، ودليل الإحتمال الثاني ما ثبت في غيرها من الروايات أنه قنت شهرا ثم تركه وهذا الذي رجحه الإمام بدر الدين العيني في شرحه على البخاري .

عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ : « أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ، ثُمَّ تَرَكَهُ » فهذا قنوت الحاجة لتقييده بالمدة ، وقوله (( تركه )) اختلف العلماء في تأويله ، قال بعضهم معنى تركه أي ترك القنوت مطلقا كما هو مذهب الحنفية وقال آخرون ترك القنوت بعد الركوع فقط وأما قبله فلم يتركه وهو مذهب المالكية ، وقال آخرون معنى تركه أي ترك الدعاء على هؤلاء وأما القنوت بعد الركوع فلم يتركه وهو مذهب الشافعية.

عَنْ أَنَسٍ « أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَقْنُتُ إِلَّا إِذَا دَعَا لِقَوْمٍ أَوْ دَعَا عَلَيْهِمْ » القنوت المنفي هنا هو القنوت بعد الركوع للحاجة لأن فيه نفي لقنوت خاص وهو الدعاء للغير أو عليهم ، فمعنى الحديث كان لا يقنت بعد الركوع إلا إذا دعا لقوم أو دعا عليهم .

إذن فالقاعدة هنا :

·         إذا ورد القنوت قبل الركوع فهو القنوت لغير الحاجة .

·         إذا ورد القنوت بعد الركوع فهو قنوت الحاجة .

·         إذا جاء في رواية إثبات القنوت مطلقا دون أن تقيده بزمن أو بحال فهو القنوت قبل الركوع لغير الحاجة .

·         إذا جاءت رواية تنفي القنوت مطلقا فالقنوت المنفي فيها هو القنوت بعد الركوع الذي بينته رواية (( ثم تركه )) طبعا مع استصحاب الخلاف في تفسير قوله (( ثم تركه )) كما مر ذكره .

بعد الإتفاق على أن القنوت الثابت غير المنفي ما كان محله قبل الركوع لغير الحاجة ، اختلف العلماء في توجيه هذا القنوت :

مسلك الحنابلة والمالكية والشافعية : حديث عاصم الذي مر ليس فيه ذكر للصلاة التي ثبت فيها القنوت ، فقال المالكية والحنابلة والشافعية هي صلاة الصبح لما ثبت في بعض الروايات من تعيين صلاة الصبح  ولما جاء في حديث الْبَرَاءِ ، قَالَ : « قَنَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفَجْرِ، وَالْمَغْرِبِ » وقد نسخ القنوت في المغرب إجماعا فلم يبق إلا أن يكون في الصبح .

ولكن هؤلاء بعد اتفاقهم أن الصلاة هي صلاة الصبح اختلفوا في تأويل هذا القنوت ، فالمالكية قالوا القنوت قبل الركوع الذي أثبته أنس رضي الله عنه هو القنوت الراتب في الصبح يؤدى سرا ، وتأولوا حديث سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ الْأَشْجَعِيُّ : قُلْتُ لِأَبِي : يَا أَبَتِ ، إِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ وأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ هَاهُنَا وَبِالْكُوفَةِ مُنْذُ خَمْسِ سِنِينَ، فَكَانُوا يَقْنُتُونَ فِي الْفَجْرِ؟ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ ، مُحْدَثٌ. رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ وأحمد، وَقَالَ الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. )) ، وقالوا القنوت المحدث ما كان جهرا ويأمن المأمومون خلف الإمام فهذا هو المحدث .

وأما الحنابلة فقالوا قد أنكر بعض الصحابة هذا القنوت كما في حديث سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ الْأَشْجَعِيُّ ، وعليه ينبغي تأويل القنوت الذي في حديث أنس رضي الله عنه بطول القيام قبل الركوع ، فالقنوت قد يأتي بمعنى طول القيام ، قال الإمام ابن قدامة ((  وَحَدِيثُ أَنَسٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ طُولَ الْقِيَامِ، فَإِنَّهُ يُسَمَّى قُنُوتًا )) . المغني ج 2 ص 114 ، وتأمل قول ابن قدامة يحتمل ولم يجزم لأن كل هذه التأويلات لا تخرج عن دائرة الاحتمالات ، قال ابن القيم في زاد المعاد (( فَالَّذِي ذَكَرَهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ هُوَ إِطَالَةُ الْقِيَامِ لِلْقِرَاءَةِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» )) ج 1 ص 273 ، طبعا وما قاله ابن القيم أيضا احتمال ولا يمكن الجزم به ، فلا يوجد أي صيغة صريحة في إثبات ما قاله ابن القيم ، بل لو قال غيره قد أصبح القنوت في عرف الصحابة والتابعين إذا سئلوا عنه أنه الدعاء في الصلاة لكان وجيها ، فسر المسألة أن الفرق بين مذهب الحنابلة ومذهب المالكية أن المالكية جعلوا حديث أنس هو الأصل ثم تأولوا حديث سعد بن طارق الأشجعي ، وأما الحنابلة فقد جعلوا حديث سعد بن طارق هو الأصل وتأولوا حديث أنس رضي الله عنه .

مسلك الحنفية : وهو مسلك يختلف عن مسلك الجمهور فقد قالوا القنوت قبل الركوع الذي أثبته أنس قبل الركوع يكون في الوتر خاصة ، بدليل أنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القنوت قبل الركوع في الوتر خاصة ، قال الإمام بدر الدين العيني وهو من الحنفية ردا على من اعترض على قولهم أن القنوت قبل الركوع يكون في الوتر خاصة (( وَلَيْسَ فِي حَدِيث أنس مَا يدل على أَنه قنت فِي الْوتر. قلت : روى ابْن مَاجَه بِإِسْنَاد صَحِيح عَن أبي ابْن كَعْب : (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُوتر فيقنت قبل الرُّكُوع) )) عمدة القاري ج 7 ص 19 ، وأما القنوت في الصبح سواء قبل الركوع أو بعده للحاجة أو لغير الحاجة فقد ثبت تركه بدليل قول أنس (( ثم تركه )) ، ولحديث سعد بن طارق الأشجعي وفيه أنه قال في القنوت (( محدث )) فيشمل القنوت الراتب وقنوت النوازل ، فالصحابي لم يفصل فلو كان المحدث القنوت لغير الحاجة فقط لأخبر بذالك ، فلما لم يفصل دل على أن كلا القنوتان محدثين وأن القنوت في الصبح قد نسخ .

ملاحظات :

1 . مسلك الشافعية في المسألة يختلف عن مسلك المالكية ، فقد قالوا قنوت الصبح الراتب يكون بعد الركوع قالوا لأن اكثر الروايات عن انس تثبت انه بعد الركوع .

2 . كل مذهب إستأنس باحاديث وبآثار عن الصحابة والسلف ، والغاية تأصيل قول المذاهب المعروفة في المسألة كي يكون القارئ على بصيرة ومعرفة بمآخذ العلماء قال ابن عبد البر في الاستذكار ((وأما القنوت في صلاة الصبح فاختلف الْآثَارُ الْمُسْنَدَةُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِيهِ عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وبن مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمْ فَرُوِيَ عَنْهُمُ الْقُنُوتُ وَتَرْكُ الْقُنُوتِ مِنَ الْفَجْرِ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ عَنْهُمْ فِي الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ ، وَقَدْ أَكْثَرَ فِي ذَلِكَ المصنفون بن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ وَالْأَكْثَرُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ مُتَّصِلَةٍ صِحَاحٍ وَأَمَّا بن عُمَرَ فَكَانَ لَا يَقْنُتُ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ )) الاستذكار ج 2 ص 294 .

google-playkhamsatmostaqltradent