recent
أخبار ساخنة

قصة الصحابي ماعز المذنب الذي دخل الجنة

الصفحة الرئيسية

قصة الصحابي ماعز المذنب الذي دخل الجنة


قصة ماعز قصة تحرك الضمائر وتوقظ الوجدان , هذا الرجل أذنب ذنبا وأي ذنب لقد زنى بامرأة فجاء معترفا به , إنه أنموذج في الإخلاص , لقد كان صورة صادقة للضمائر الحية , رُجِم حدا فدخل الجنة يسبح في أنهارها .


لقد خُلِق الإنسان من ضعف كما قال تعالى (( وخلق الإنسان ضعيفا )) , وشاءت إرادة الله عز وجل أن يكتب لكل إنسان حظاه من المعاصي مهما علا قدره عند الناس أو عند الله , إلا من عصمهم الله عز وجل وجعل الله عز وجل من الأنبياء والمرسلين .


لقد ركب الله عز وجل غرائز كثيرة في هذا المخلوق العجيبب , ثم أنزل إليه الكتب وبعث إليه الرسل بالشرائع لتهذيب الغرائز وتقويم الأخلاق , فيضبطها الإنسان بشرع الله القويم ليعيش مطمئن القلب مرتاح البال في كنف الرب .


إن الإسلام لم يحارب الغريزة بإطلاق كحال رهبان النصرانية , كما انه ولم يرخ لها العنان بإطلاق كحال المادية الغربية , فهو وسط بين هذا وذاك والله هو العليم بحال النفوس فقال (( ألا يعلم من خلق )) , ثم يطمئن خلقه فيقول أن علمه علم رحمة لا علم إستضعاف وقهر فقال (( وهو اللطيف الخبير )) , ومن اعظم الغرائز التي قد تأخذ بصاحبها إلى الهاوية الغريزة الجنسية تلك الغريزة التي نظَّمها الله عز وجل وجعل لها مصرفا فقال (( نساؤكم حرث لكم )) .


لقد جعل الله لغريزة الجنس إطارا هو إطار الزوجية , هذه العلاقة التي جعلها الله آية من آياته ومبناها المودة والرحمة , فماذا لو صرف الإنسان هذه الغريزة خارج الإطار الشرعي , قد يعني ذالك دخوله في متاهات نفسية ولربما أمراض جسدية ولن يخلوا مجتمع مهما صفا من بعض الأخطاء , ولكن الكامل من المجتمعات من عُدَّت فيه المصائب الأخلاقية كأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان مما سجلت لنا كتب السنة قصة ماعز .


ماعز بن مالك الصحابي الذي ارتكب كبيرة الزنا


جعل الله عز وجل لمحارمه حِمًى كي تكون حصنا من الوقوع فيها , من اقترب منها كان كالراعي يرعى حول الحمى فإنه لا يأمن من الوقوع فيه , لقد حرم الله عز وجل الخلوة والنظر وأمر بالستر قطعا لباب الفساد , وفي مجتمع غير ملتزم فإن أسباب الوقوع في المعصية متوفرة بل وداعية للوقوع فيها , والمؤمن يصد نفسه بشتى الطرق والوسائل وأما في مجتمع طاهر صاف فدواعي العصيان مغلقة وأبواب الفتن موصودة , كالمجتمع الذي كان يعيش فيه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولكن للشيطان لمة بالنفس والنفس ضعيفة بطبعها , ففي لحظة ضعف يفتر فيها القلب ويقل فيها واعظ الإيمان قد تخطئ النفس فتعصي الرب , وهذا الذي حدث لماعز بن المالك الصحابي التقي النقي وأقول تقيا لأن قلبه كذالك وأقول نقيا لأنه كذالك فعلا فاسمع لحكايته لتعلم صفاء القلب ونقاءه .

ماعز إني قد زنيت
قصة ماعز كما أخرجها الإمام مسلم في صحيحه

في يوم من الأيام جاء الرجل وعلى غير العادة فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم (( طهرني )) , ولم يسأله رسول الله فضولا ماذا فعل بل أعرض عنه , فكم نحب نحن سماع أخطاء بعضنا بل ونبحث عنها , وكم نحب حكاية الخطإ ونشر الفضيحة .


إن هذا الفضول المقيت الذي سنحاسب عليه ولربما سيردينا , ولأن رسول الله لا حاجة له في معرفة ذنبه إذ العلاج الصالح لكل ذنب دون معرفته هو ما قاله له رسول الله (( إرجع فاستغفر الله وتب )) , فرجع الرجل وحرارة المعصية متوقدة لقد عاد أدراجه ولكن ضِيقا شديدا في الصدر قد أصابه , لقد عاد ولكنه يحس أن نجاسة المعصية قد لطخت قلبه النقي الطاهر,  فلا بد من غسله ليَطهُر مرة أخرى .


فعاد لرسول الله والقلب محترق وطلب منه مرة أخرى فقال (( طهرني )) , إنه الإحساس بالجرأة على الله عز وجل , إنه الإحساس بعظمة الله عز وجل فأرشده رسول الله إلى التوبة والإستغفار , فهما ماء المذنبين وطهارتهم فرجع الرجل , ولكن الأرض ضاقت عليه بما رحبت , فإن الذنب لا يُنسَى في قلب عارف تقي , فلا ينساه إلا غافل شقي .


عاد ماعز في الثالثة فقال (( طهرني )) وهو في كامل قواه العقلية يعلم المصير ويعلم العقوبة , فإن أمره سيُشتَهر ويُعلَم حاله وقد تتحدث عنه الألسنة بسوء فالرجل يعلم انه سيرجم على الأشهاد بين أقاربه واحبائه كل منهم سيعلم ما الذي فعله ماعز , إنها فضيحة ولكن في قلب ماعز إيمان نيِّر فهو يعلم أن الفضيحة العظمى يوم القيامة إن لم يتطهر الآن , فسيفضح هناك فليس له من بد إلا الطهارة الدنيوية .


لقد أصر الرجل على الطهارة من دنس المعصية وكانت التوبة تكفيه ولكن قلقا كبيرا ملأ قلبه لأنه تجرأ على الواحد الأحد , فسأله رسول الله عن عقله فكان كامل العقل , وسأله لعله قبل أو لمس فحسب , فأخبره ماعز انه قد واقع أمرأة فزنى بها زنا لا شبهة فيه , فهنا ليس على رسول الله إلا إقامة الحد , فأُخِذ الرجل دون وثاق فقد تقدم وحده ولم يقدموه , فرموه بالحجارة رجما حتى مات وغُفِر للرجل .


لقد سمع النبي رجلان يذكران ماعزا بسوء فلما مروا بجيفة حمار نتنة طلب منهما أن يأكلا منها فاستغربا الأمر , فأخبرهما أن الكلام في عرض الرجل أشد قبحا من الأكل من تلك الجيفة , ثم قال (( والذي نفسي بيده إنه الآن في أنهار الجنة ينغمس فيها )) ففاز ماعز وما خسر إلا آلاما الحد قد ذهبت , فأصبح في مقعد صدق عند الرحمن الرحيم الكريم الوهاب .


فوائد وعبر من قصة ماعز


  • لا عصمة لأحد وكل بني آدم خطاء ولكن المشكلة ما بعد الذنب هل هو توبة واستغفار ام تماد وإصرار
  • رحمة الله عز وجل واسعة وأبوابه مفتوحة لكل اواب محب له

  • ستر العباد بعضهم بعضا مطلوب شراع إلا أن يكون الرجل مجاهرا بالمعصية, فرسول الله لم يسأل ماعزا مع من زنى , كما أنه لم يسأل الغامدية مع من زنت , وفي حديث ماعز أن الذي أصر عليه بإخبار رسول الله هو هزال , فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهزال (( وَاللهِ! يَا ‏هَزَّالُ لَوْ كُنْتَ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا مِمَّا صَنَعْتَ بِهِ )) الموطأ 

  • من وقع في الذنب فعليه ان يستر نفسه ويتوب لربه فقد رد النبي ماعزا مرات عدة , وليعلم العبد أن من أكبر الآثام أن يبيت المرء على معصية لم يطلع عله فيه احد ثم يحكيها والأشد من ذالك أن يفتخر بها فأياك أخي وهذا الفعل فمن أبتلي بمعصية فليستر نفسه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
(( كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه )) متفق عليه
  • ليس قصد الشريعة من الحدود معاقبة وتعذيب الجاني , بل القصد منها القضاء على الجريمة والحيلولة دون انتشارها , ولذالك فرق الشرع بين المجاهر وغيره .

google-playkhamsatmostaqltradent