لمحة تعريفية عن كتاب موسوعة الأخلاق الدرر السنية
لقد كان اهتمام العلماء قديما وحديثا بموضوع الأخلاق كبيرا , وها هم مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف قد خرجوا بهذا الكتاب موسوعة الأخلاق الإسلامية في أربعة مجلدات , سنتعرف على الكتاب ومنهجه ومميزاته .
عما يتحدث الكتاب ؟
يتحدث كتاب (( موسوعة الأخلاق )) الذي أشرفت عليه مؤسسة الدرر السنية عن موضوع مهم يحتل مكانة عالية في الدين الإسلامي , فلا زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي ويحث على التخلي بالأخلاق الحميدة , وينهى ويحث على التخلي عن الأخلاق السيئة , وقد جعلت رسالته رسالة الخلق فقد قال (( إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق )) , وقد جعل الله عز وجل صفة الخلق من أهم الصفات في النبي صلى الله عليه وسلم فقال مادحا له بما منح (( وإنك لعلى خلق عظيما )) .
لقد عاش النبي متخلقا بأخلاق القرآن فهو الأسوة الحسنة , لقد ربى أمة على مكارم الأخلاق فالأمم إنما تقاس بفضائل الصفات , وكم تتردى أمة إلى الهاوية إن أنتشرت فيها الرذائل وسيئ الصفات , وإن ما تعيشه اليوم الأمة الإسلامية من أزمات إنما أساسها الأزمة الأخلاقية , فهي أزمة أتت على الأخضر واليابس وكان لها تأثير شديد فكان لزاما على الدعاة والعلماء والمربيين أن يهتموا بهذا الجانب . وعلى هذا الأساس جاء هذا الكتاب ليسد هذا الثغر وليضيف إضافة حسنة للمكتبة الإسلامية فكان بحق موسوعة في مجاله .
محتويات الكتاب ومنهج الكاتب
يتكون الكتاب من أربعة أجزاء تحتوي هذه الأجزاء على مئة خلق , والمميز في هذه الموسوعة أن الجزئين الأولين منها جعلها المؤلف في الأخلاق الفاضلة ليتحلى بها الإنسان فذكر ثلاث وخمسين خلقا , وفي الجزئين الأخيرين تحدث فيهما عن رذائل الأخلاق ليتخلى عنها الإنسان فذكر سبعة وأربعين خلقا سيئا .
تبدأ الموسوعة التي قدمتها مؤسسة الدرر السنية بمقدمة عن الأخلاق الإسلامية تحدث فيها عن إثنا عشر موضوعا , مبتدأ بتعريفها من حيث اللغة ومن حيث الإصطلاح , معرجا بعد ذالك على موضوعها واهميتها وفضلها ومصادرها وأنواعها وخصائصها .
لعله من اهم المواضيع في هذا الباب موضوعين ذكرهما :
- الأول : كيفية إكتساب الأخلاق : وذكر منها عشرون وسيلة , بعض هذه الوسائل تتعلق بالفرد كتصحيح العقيدة والعبادة بالتعلم , وكالرياضة والتدرب فالعلم بالتعلم والحلم بالتحلم , وبعضها يتعلق بالجماعة كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالخير , وبعضها الآخر يتعلق بسلطان الدولة واهتمامها بالقيم .
- الثاني : مناقشة قول من قال بنسبية الخلاق : فهؤلاء قالوا إن الخلاق غير ثابتة تختلف بحسب الأمكنة والأزمنة , فما يكون مبغوضا في مجتمع قد يكون محبوب في آخر , فلا لوم عليهم ولا ضير , ولا شك أن مثل هذا القول يؤدي للإنحلال والتفسخ وتميع الدين فالأخلاق عندهم مجرد مفاهيم تتعارف عليها الأمم والشعوب .
ولأهمية هذه النقطة سنقف معها يذكر صاحب موسوعة الأخلاق أن القائلين بنسبة الأخلاق يعتمدون في الجملة على ثلاث مرتكزات أساسية أدت لهذه المغالطة وهي :
- عدم التمييز بين الظواهر الأخلاقية والجمالية والفنية وعن العادات والتقاليد
- المصدر عندهم في معرفة الخلاق مفاهيم الناس بغض النظر عن منطلقاتها , وتناسوا أن منطلقاتها قد تكون شهوات وعادات وتقاليد سيئة ,
- الإعتماد على أفكارهم الخاصة وضمائرهم في التمييز بينها , وجعلها معيارا للأخلاق عندهم .
ثم تنتقل الموسوعة من هذه المقدمة الهامة والمفيدة لصلب الموضوع , فكان بداية حديثها عن الأخلاق المحمودة , وقد اعتمد الكاتب في ترتيبها على المعجم الألف بائي , فكان أول خلق تحدث عنه هو الإحسان ثم الألفة والأمانة , واختتم هذا المحور بخلق الوفاء ثم الوقار , وأما عن الأخلاق المذمومة فأول ما ذكر الإساءة ثم الإسراف والبهتان حتى انتهى إلى الوهن واليأس والقنوط .
كان منهج الكتاب في كل خلق تحدث عنه أن يذكر ماهيته اللغوية والإصطلاحية , ثم يذكر الفرق بينها وبين الصفات الشبيهة بها كي تتميز الصفة جيدا , ففي موضوع الإحسان مثلا يذكر الفرق بينه وبين كل من الإنعام والإفضال , وفي موضوع الكذب مثلا يذكر الفرق بينه وبين كل من الإفتراء والبهتان والإفك .
وأيضا مما يميز الكتاب أنه في كل خلق يذكر الآيات والأحاديث التي تحث عليه إن كان محمودا أو تحذر منه إن كان مذموما , كما يذكر أقوال السلف والعلماء , بل ويذكر حتى القصائد الشعرية التي تحدثت عنه , ولا ينسى ذكر الفوائد وأسباب تحقيق ذالك الخلق الحميدة , فإن كان ذميما ذكر آثاره السيئة وكيفية اجتنابه .
لقد حاولت موسعة الأخلاق بإشراف مؤسسة الدرر السنية بجد أن تتحدث عن أهم الأخلاق وتحيط بكل جوانبها , فقد اعتمد المؤلفون في ذالك على مصادر كثيرة ومتنوعة تعدت السبعمئة كتاب , فكانت مهمة بحق للعلماء والخطباء وطلبة العلم , ولأن عامة الناس قد يستثقلونها فقد اختصرها المؤلفون في مختصر من جزء واحد يبغ خمسمئة صفحة .