شرح الدين النصيحة حديث تميم الداري الحديث السابع من الأربعين
شرح حديث الدين النصيحة من الأربعين النووية |
قوله (( الدِّينُ النَّصِيحَةُ )) مبتدأ وهو الدين وخبر وهو النصيحة , وكلاهما ورد معرفا , والمبتدأ والخبر إذا ورد معرفا أفاد الحصر فكأنه قال مالدين إلا النصيحة . فأفادت هذه الكلمة أن الدين محصور في النصيحة . وفي مستخرج أبي عوانة على صحيح مسلم أنه أكد ذالك بقوله ثلاثا (( الدِّينُ النَّصِيحَةُ , الدِّينُ النَّصِيحَةُ , الدِّينُ النَّصِيحَةُ )) . ومعنى ذالك أن أساس الدين وعماده هو النصيحة نظير هذا قوله صلى الله عليه وسلم (( الحج عرفة )) .
والدين يشمل الإسلام والإيمان والإحسان كما جاء في حديث جبريل « فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ » , فجعل الدين شاملا لكل الأعمال الظاهرة والباطنة . وأما معنى النصيحة لغة فهي الإخلاص أو التخليص , يقال نصح العسل إذا صفاه من الشمع . فالنصيحة هنا إخلاص القول والعمل وتخليص من الغش لله ولرسوله ولعامة المسلمين وللأئمتهم .
وقد أبهم النبي صلى الله عليه وسلم لمن تكون النصيحة , كي تتشوف أنفس الصحابة لمعرفة ذالك فيسألوه , فمن أسباب رسوخ العلم أن يأتي مجملا ثم يفصل . فقد سألوه فقالوا (( لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ )) .
قوله (( قَالَ : لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ )) فالنصيحة لله تكون بعبادته وعدم الإشراك به في ربوبيته وألوهيته , وتكون بالإيمان بأسمائه وصفاته بلا تشبيه ولا تحريف ولا تعطيل , والثناء على الله عز وجل وشكره وحمده وطاعته .
والنصيحة لكتاب الله تكون يتلاوته وتعظيمه وتأمله وتدبره وفهمه , والإيمان بما جاء به وتصديقه , والعمل بما تضمنه والإعتقاد أنه معجز غاية الإعجاز أنزله الله عز وجل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .
والنصيحة لرسوله تكون أيضا بالإيمان به وتعظيمه وتوقيره ونصرته ومحبته وطاعته , وأن تكون عبادة الله عز وجل وفق ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما نصيحة أئمة المسلمين , فإن الإمام من يقتدى به وهم إما العلماء أو ولاة الأمور , ونصيحة ولاة الأمور فتكون بالسمع والطاعة في المعروف , وتوجيههم وإرشادهم لما فيه الخير والصلاح , والدعاء لهم بالتوفيق والسداد وعدم الخرواج عليهم ما لم يرى الناس منهم كفرا بواحا .
وأما نصيحة العلماء فتكون بمحبتهم وتقديرهم والدفاع عن أعراضهم , معونتهم في نشر العلم بنشر كتبهم وأقوالهم وأن تتثبت في نسبة الأقوال إليهم
وكذالك يكون نصح عامة الناس بتوجيههم وتعليمهم , وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر , وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويبتعد عن آذاهم . وأن يعاملهم معاملة طيبة وأن يوجههم لما فيه صلاحهم وخيرهم في دنياهم وأخراهم .
من فوائد حديث الدين النصيحة
- أهمية النصيحة في الدين وأنه عموده وأساسه
- طريقة النبي في التعليم فقد أجمل الأمر ثم بينه , وهي وسيلة نافعة من وسائل التعليم .
- حرص الصحابة على العلم ومعرفة ما ينفعهم فقد بادروه بالسؤال .
- وجوب النصيحة لأئمة المسلمين وهم علماؤهم وحكامهم .