recent
أخبار ساخنة

هل الأمر بالشيئ نهي عن ضده وهل النهي عن الشيئ أمر بضده شرح الشيخ مولود السريري

الصفحة الرئيسية

 هل الأمر بالشيئ نهي عن ضده وهل النهي عن الشيئ أمر بضده شرح الشيخ مولود السريري


مسألة الأمر بالشيئ نهي عن ضده والنهي عن الشيئ أمر بضده مسألة من مسائل أصول الفقه التي انبنت عنها فروع فقهية كثيرة , قام الشيخ مولود السريري بشرحها وتوضيحها وتجليتها بصورة واضحة وتوضيح بعض الفروع الفقهية التي بنيت عليها , هذا تفريغ لكلام الشيخ .

هل الأمر بالشيئ نهي عن ضده وهل النهي عن الشيئ أمر بضده شرح الشيخ مولود السريري


الذي يجب أن نبدأ به في هذه المسألة هو ما المراد بالأمر هنا , لأن الأمر يطلق ويراد به النفسي ويطلق ويراد به اللفظي , فالأمر المراد به هنا هو النفسي , لأن الأمر اللفظي بالإتفاق لا يمكن أن يدل على النهي , لأن الأمر يناقض النهي فالأمر للتحصيل والنهي للإمتناع , فمن ناحية اللغة لا يمكن أن يدل احدهما على الآخر لما فيهما من التضاد , فانحصر البحث في الكلام النفسي . 


وبذالك فإن الخلاف يتصور مع الأشاعرة فهم الذين سيبحثون في هذه المسألة بعدما ينفصل عنهم غيرهم ممن لا يبحث في هذه المسألة ولا يرى أن الكلام النفسي معتبرا في هذا الباب كالحنابلة والمعتزلة ومن وافقهم , فهؤلاء موضوع بحثهم هو الكلام اللفظي والنهي لا يمكن أن يكون أمرا في اللغة .


الكلام النفسي هو محل البحث بمعنى هل هذا الكلام النفسي الذي قام بنا في النفس , هل هو نهي عن الضد بمعنى هل هو ذاته في النفس أو ليس هو ولا يتضمنه , قالوا أن الأمر بالشيئ نهي عن ضده أي أنه هو , ففي الحقيقة الخارجية فإن الأمر ليس هو النهي لكن في الحقائق الذهنية فالأمر هو النهي , وذالك أن النفس قد تكون فيها أحوال لا يمكن تصورها في الخارج , ففي النفس قد يجتمع الأمر والنهي بناء على أنه يمكن إستحضارهما معا في النفس , ففي الحقيقة النفسية فإن أحدهما هو عين الآخر .


فالذهن قد يفكك الأشياء فزيد مثلا قد يفككه الذهن إلى كونه زيدا وكونه إنسانا , إذن ففي النفس والذهن أنظمة فكرية ونفسية لها نظامها في بناء المعلومات قد تجعل أحيانا أشياء موجودة في الذهن وهي غير موجودة في الخارج , فالوجود الذهني أوسع من الوجود الخارجي , فالوجود الذهني مثلا  فيه الكلي الطبيعي وفيه الماهيات فلو جردت الموجودات مما تختلف فيها وأبقيت ما تشترك فيه حتى تتكون منه ماهية , فإن هذا يقبله الذهن وهو غير موجود في الخارج .


فالذهن فيه صور وحقائق لا يمكن أن تكون في الخارج من ذالك إجتماع النقيضين , فالنقيضين قد يتصور إجتماعهما في الذهن ويسمى هذا بواقع الأمر في الذهن فهو أوسع مما في الوجود , لأنه يتحمل صورا ومعاني غير موجودة في الذهن , ومنه العدم فغننا نتصوره في الذهن وهو غير موجود في الخارج , فالشيئ قد يكون واحدا في حقيقته لكن الذهن قد يفككه .


إذن إذا قلنا هل الأمر نهي عن ضده فإننا نقصد الصورة الذهنية فإذا عرضناها على الذهن فكك بينهما وهما في الحقيقة شيئ واحد .


والمقصود بقوله نهي عن ضده الضد الوجودي لأن الأضداد متعددة , وليست كلها منهي عنها , فإذا قيل اسكن فهو نهي عن الحركة , لكن إذا قيل له اسكن وكانت له بعض التصرفات التي لا ترفع السكون فيقول هذا ضد لكنه غير جودي , وقد أثر هذا الأمر في المسائل الفقهية وتغلغل في كثير من مسائل الصحة والبطلان .


فإذا صدر فعل من المكلف في الصلاة فإنهم ينظرون إليه فإن كان ضدا للمأمور به فإنه يرفعه , وإن كان ضدا ولكنه غير وجودي أي لا يرفع ماهية العبادة فهم يحكمون عليه بالكراهة أو بأنه لا تأثير له , فمثلا أمرت بالوقوف , والوقوف يستلزم الإستقامة في الجسد لكنك انحنيت شيئا ما , فهذا الإنحناء الخفيف لا يرفع حقيقة الوقوف , فلذالك لا يعتبرونه مبطلا للصلاة لأنه لا يرفع الأمر بالوقوف , لكنك إن انحنيت إنحاء يدل على ذهاب ماهية القيام يحكمون بالبطلان , لأنك ارتكبت منهيا عنه وارتكاب المنهي عنه في مقام الأمر يوجب البطلان .


فالقاعدة أن ما رفع الماهية يعتبرونه ضدا وجوديا , أما ما وجد من الأضداد لكنه لا يرفع الحقيقة فيعتبرونه ضدا لا يؤثر , وهذا المسار ينظم الكثير من فروع العبادة كالصلاة والوضوء , فالضد المعتبر هو الوجودي وليس الضد المطلق , ولذالك فإن الضد لا يرفع الواجب فهو لا يؤثر , ومن هنا فرقوا بين إتكاء المصلي على الحائط وهو يقرأ الفاتحة واتكاؤه على الحائط وهو يقرأ السورة , لأن الإتكاء يرفع القيام لكنه لا يرفع القيام الواجب , فهو يرفع القيام المندوب ولذالك فرقوا . فحكموا على الإتكاء الذي يرفع القيام الواجب بالبطلان وحكموا على الإتكاء الذي يرفع القيام غير الواجب بالكراهة .


فالأمر بالشيئ نهي عن ضده الوجودي , فإذا كان لللأمر أضداد كثيرة فلا يعتبر منها إلا الضد الوجودي . فالضد الذي لا يرفع المأمور به لا يؤثر .

google-playkhamsatmostaqltradent