recent
أخبار ساخنة

جريج العابد قصته مع أمه والمرأة البغي

الصفحة الرئيسية

جريج العابد قصته مع أمه والمرأة البغي


جريج الرجل العابد من بني إسرائيل , قصته قصة رجل زاهد في الدنيا فاعتزل الناس وتفرغ لعبادة الله , جاءته أمه يوما وهو في صلاته فنادته فلم يجبها ثم دعت عليه بدعوة فاستجاب الله لدعائها .
جريج العابد قصته مع أمه والمرأة البغي
جريج العابد قصته مع أمه والمرأة البغي

مكانة الأم عند الله عز وجل 

 
لقد جعل الله عز وجل قدرا كبيرا للوالدين فعقوقهما من كبائر الذنوب وطاعتهما من أعظم القربات . وقد عطف الله حق الوالدين في الطاعة والإحسان على حقه في التوحيد والعبادة فقال
(( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانً)) 
والقضاء هنا بمعنى أمر ووصى أي وأحسنوا إلى الوالدين , وأطلق لفظ الإحسان فقال ( إحسانا ) ليعم كل أنواع الإحسان إليهما قولا كان أم فعلا . وفي السنة النبوية تكرر العطف بين حق الله وحق رسوله فأخبر النبي أن أكبر الكبائر
(( الإشراك بالله وعقوق الوالدين )) 
ثم خص الإسلام الأم بزيادة في الحق والإحسان . فلما سأل رجل رسول الله عن أحق الناس بصحبته فأخبره أنها أمه وكرر ذالك ثلاث مرات ثم قال ثم أبوك . وقصة جريج تُأكد هذا المعنى . 

جريج العابد وأمه التي تناديه فلا يلتفت إليها 


الأم جوهرة الحياة لا يحس بها إلا من وُلد وقد ماتت أمه , أ, فقدها بعد أن قضرت معه ردحا من الزمن , هي منبع الحنان وملاك الحب إنها النقاء الكامل والصفاء التام , لا تحب ابنها لجمال أو مال أو لإحسان . إنه الحب الصادق الأبدي الخالد الذي يتجلى في أبهى حلة وأجمل صورة . فكم ضُلمت الأم من أبنائها العاقين , ولأن حنانها متَّقِد وحبُّها جارف إستغل بعض المخذولين من الأبناء الذين لا يُقَدِّرون قيمتها هذا الضعف فأذاقوها الويلات من سب وشتم واحتقار وهجران وعقوق .

قصة جريج قصة ألهب به رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهور العاقيين وأرهق بها نفوس المسيئين , قد وردت القصة عند البخاري ومسلم وأحمد وابن حبان وغيرهم . وها نحن نسوقها كما وردت في الصحيحين .
الذين تكلموا في المهد
قصة جريج من صحيح قصص الرسول
في رواية الإمام أحمد أن جريجا كان تاجرا غنيا ثم قرر إعتزال الدنيا ودخول عالم الرهبانية . فحول تجارته من تجارة الأموال إلى التجارة مع الله عز وجل , وقال في الدنيوية ( ما في هذه التجارة خير ) , ثم بنى صومعة يتحنث فيها الليالي والأيام بعيدا عن وساوس الناس ومشاكلهم . حيث تصفوا نفسُه وتزكوا روحه وفي تلك الخلوات ناجى ربه وذاق حلاوة الإيمان ونعمة الطاعة فأحب الصلاة والذكر .

كان للرجل أم صالحة تسكن بالقرب منه كلما أحتاجته أو ضاقت إليه توجهت لصومعته , وذات يوم جاءت إليه فرفعت رأسها تدعوه ( يا جريج أنا أمك فكلمني )  , هو نداء أم مُلِئ قلبُها شوقا . تنادي وتكرر كلمني يا جريج فلست ممن تعتزله ولست ممن لا تجيبه فأنا أمك , فيا ألله كم من عاق لوالديه وكم من هاجر لهما وقلبهما يحنوا إليه لا ينسَيَانه مهما ابتعد ومهما نساهما . كلما رن الهاتف او دق جرس المنزل خفق قلبهما لعله الإبن , لعلى شيئا ما قد جعل قلبه يرق لوالديه فيهاتفهما أو يزورهما .

سمع جريج نداء أمه وقد كررته ثلاث مرات وكان في صلاته منشغلا بها عن الدنيا , يجد لذة الصلاة وحلاوة المناجاة فقد قال النبي ( وجعلت قرة عيني الصلاة ) . فهل يقطع هذه اللذة أو يُعجل فيها ويستجيب لأمه أم يستمر في الصلاة دون قطع ولا تخفيف . إحتارت نفسه بين هذا وذاك وأخيرا إختارت الإستمرار في الصلاة . وكان بإمكانه قطعها فهي نفل أو على الأقل تخفيفها ليلحق بأمه .

عادت الأم كسيرة البال حزينة القلب كأن جبلا قد سقط على قلبها . كأن الأرض قد ضاقت بما رحبت فهذا الإبن يرفض كلامها , فهذا الذي جاعت ليشبع وتعرت ليلبس وسهرت لينام وقاست لينعم . ها هو بعد أن كبر يردها فأي مصيبة على قلب الأم أعظم من هذه المصيبة .

جريج والمرأة التي تعرض نفسها 


عادة الأم بخطوات متثاقلة مهمومة القلب كسيرة البال ولم تجد إلا رب السماء لتشكوا إليه . رفعت يديها ويا ليتها ما رفعتها قالت (( اللهم فلا تمته حتى تريه المومسات )) ولو دعت عليه بالهلاك والإنحراف لكان كما أرادت , فإن دعوة الوالدين مستجابة فإذا انظم الظلم إليها . فقد إجتمع موجبان من موجبات إستجابة الدعاء فاحذر أيها الوالد الشفيق من الدعاء على الأبناء . واحذر أيها الإبن أن تجر والدك ليدعوا عليك .

مرت الأيام وحان وقت إجابة الدعاء والله يمهل ولا يهمل ,  كان بنوا إسرائيل في مجلس من مجالسهم وكان موضوع حديثهم العابد جريج . كأن قلوبهم قد امتلأت حقدا وحسدا , فكيف يكون صالحا بينهم وكيف لا يفعل ما يفعلون . هكذا يود الفاسقون والمفسدون أن لو كان الصالحون مثلهم فيكونون سواء . وأثناء حديثم مرت بغيٌّ - زانية - يُتَمثَّل بحسنها وجملها , قد لمست حقدهم على الرجل فقالت في تحد وثقة وإعجاب بنفسها (( إن شأتم لأفتننه لكم )) فطاروا فرحا فهذا الذي يبحثون عنه . فهؤلاء بدلا من أن يسابقوا الرجل في الصلاح والتقوى قد أرادوا خراب قلبه وفساد دينه , وتلك انتكاسة عظمى أن يعجز الإنسان عن إصلاح نفسه فيدعوا غيره للفساد أو يفسده . هذا عمل الشياطين شياطين الجن والإنس .

جاءت البغي وكلها عزم وأمل بل وثقة تامة في رضوخ العابد التقي لطلبها . تعرضت له في كامل زيتنها كأنها قالت هيت لك , ولكن القلب الموصول بالله قد أراه الله من برهان الطاعة وحلاوة الإيمان ما جعله يستحقر صنيعها ,فكأن الرجل لم يراها قد قال لها بلسان حاله ما عذا الله إنه ربي أحسن مثواي . عادت المرأة خائبة قد كَسَر غرورها وهي التي لا يرُدُّ الرجال أمثالها . لكنها تعتبر إنصرافه عنها خسارة فكيف سينظر القوم لها .

اتجهت لراع فسلمت له نفسها إنتقاما من جريج وبئس التفكير تفكيرها . لكن خطوات الشيطان لا تنتهي عند هذا الحد , فلما وضعت مولودها من ذالك الراعي سألها القوم من أبوه , قالت العابد جريج وياله من خبر مفرح ويالها من فرصة رائعة . قد سقط الرجل وحان وقت وصفه بالنفاق والإستخفاف به وإسقاط قدره , ولم يتثَبَّتوا الأمر فهم على عجل , أسرعوا لجريج والرجل لا يدري ما الذي حل بالقوم . فهدموا صومعته ولما أستفسر عن السبب قيل له أنت مخادع مراء تظهر النسك والعبادة وتبطن الشر والمعصية .

وهل معصية واحدة من شأنها ان تهوي بالإنسان إلى مكان سحيق كلا , فمن من البشر لا يخطئ والتوبة تجب ما قبلها وترفع صاحبها . لقد رموه بالزنا ولم يتبينوا فطلب جريج المولود فأحضروه ثم توجه للواحد الأحد في صلاة ملؤها الخشوع والحاجة . فلما انصرف منها مسح رأس الصبي وضرب بأصبعه بطنه ثم قال له (( من أبوك )) فنطق الصبي وقال (( فلان الراعي)) فانتهت المكيدة وحمى الله وليه وأعجب الناس لأمره , واعتذروا منه وأعادوا بناء الصومعة التي هدموه ليقضي عمره عابدا لله طائعا له . قد حفظ الله في الرخاء فحفظه في الشدة .

فوائد وعبر من قصة جريج العابد 


لقصة جريج فوائد كثيرة فمن كل جزئية من جزئياتها يمكن تحصيل فائدة , إلا أننا نذكر بعضها . 
  • للوالدين قدر عظيم عند الله عز وجل خصوصا الأم 
  • دعوة الوالدين مستجابة فليحذرا من الدعاء بسوء على الأبناء
  • الذي صدق مع الله في الرخاء لن يضيعه الله وسيحفظ دينه
  • قد يكون لبعض أولياء الله كرامات وليس كل من ظهر له خرق عادة فهو ولي فقد يكون مشعوذا او من أولياء الشياطين ومن لم تظهر له كرامة فلا يعني انه ليس من أولياء الله عز وجل فالتقوى هي سبب الولاية 
  • عند الفزع والخوف فإن القلوب النقية تستعذب الصلاة وترتاح بأدائها فتخفف عنها الهموم والضيق
  • التثبت وعدم التسرع في تصديق الشائعات خاصة إذا كانت تهم للأعراض , وتهم للدعاة والمصلحين والعلماء والصالحين . 
  • قد تكون الفتن بسبب ذنب إرتكبه العبد فتعرض جريج لفتنة البغي كان بسبب رفضه استجابة نداء أمه
google-playkhamsatmostaqltradent