recent
أخبار ساخنة

الماء من مظاهر عجائب الخلق وإعجاز القرآن

الصفحة الرئيسية

الماء من مظاهر عجائب الخلق وإعجاز القرآن 


قد يعيش الإنسان أسابيع دون طعام ولكنه لن يعيش أياما دون ماء , فالماء سر الوجود في الطبيعة فقد جعل الله كل شيئ حي منه , وهو مظهر من مظاهر عجائب خلق الله الكثيرة , و قد ذكر القرآن الكريم بعضا من أسراره كمصدره ونقاوته وإمكانية تحوله .

الماء من مظاهر عجائب الخلق وإعجاز القرآن
الماء من مظاهر عجائب الخلق وإعجاز القرآن

مصدر الماء في الأرض 


خص الله عز وجل الماء عن غيره من المواد بمجموعة من الخصائص , فقد يوجد في الطبيعة على حالة سائلة على شكل بحار ومحيطات وأنهار , وقد يوجد في حالة غازية على شكل سحب أو حالة صلبة على شكل برد , ومع تنوع أشكاله بهذه الصور الثلاث فإن أصل وجوده على الأرض يبقى لغزا حير العلماء .

يرى بعض من علماء الفيزياء الفلكية أن مصدر الماء في الأرض الشهب المحملة بمياه مجمدة في صورته الصلبة آتية من أطراف مجموعتنا الشمسية , بينما يرى فريق آخر أن مصدره المذنبات التي تحتوي على 80% من الجليد التي ارتطمت بالأرض منذ ملايين السنين , غير أن الفريقين اتفقوا أن هذه الشهب أو المذنبات بعد ارتطامها بالأرض قد غاصت فيها وبفعل الحرارة العالية تحولت إلى بخار وهي الصورة الغازية للماء .

ولكن دراسات حديثة خرجت لتضيف شيئا جديدا , فوفق حسابات رياضيات خرج هؤلاء بنتيجة أن المياه التي مصدرها الشهب والمذنبات لا تشكل سوى 10% من مياه الأرض , ثم استنتج علماء الفيزياء الفلكية أن الفضاء الخارجي ليس وحده مصدر المياه على الأرض , فقد قالوا إن كميات كبيرة من الماء تشكلت داخل جيوب القشرة الأرضية أثناء تكون الأرض , فاتفق بذالك رأيهم مع رأي علماء الجيولوجيا . 

يؤكد العلماء جميعا أن الماء في الأرض خرج من باطنها قبل مليارات السنين , ويؤكد القرآن العظيم هذه الحقيقة العلمية في تحد وإعجاز واضح أن المصدر الأول للماء هو باطن الأرض . فقد قال تعالى وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا ) والدحو البسط والمد ومعنى بعد ذالك أي بعد خلق السماء , فالأرض مرت بمرحلتين مرحلة خلقت فيها قبل خلق السماء ومرحلة دحاها الله بعد خلق السماء .

ففي تفسير السعدي دحاها بمعنى أودع فيها منافعها , وعند ابن كثير أن دحاها فسَّرهُ ما بعده وهو قوله تعالى أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ) فدحيها إخراج الماء والمرعى منها , وشق الأنهار فيها , وخلق الجبال والرمال والسبل فيها .

إن كلمة البسط والمد تشيران لحركة ما قد حدثت على الأرض , والمعروف علميا أن القشرة الأرضية تتكون من ألواح تتمدد وتتحرك منذ ملايين السنين . فتشكلت بفعل هذا الدحو الجبال والأنهار ومجاريها والتي عبر عنها ابن كثير بالسبل , وقد أشار القرآن في إعجاز آخر أن نشوء الجبال كان بعد مد الأرض فقال وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ) بعد أن ذكر عملية الدحو , فدحو الأرض نتج منه شيئين الماء والجبال . ثم يحدثنا القرآن الكريم عن المصدر الثاني للماء فيقول :
( وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ )
فالآية تذكر مراحل خلق الأرض وجعلِها صالحة للحياة فبعد خلقها , جعل الله فيها الجبال ثم أنزل الماء من السماء , والأبحاث العلمية تؤكد وجود كميات كبيرة على شكل ثلوج في النظام الشمسي , كما أنهم وجدوا أن الدخان الكوني يحتوي على جزيئات من الماء , فالعلماء يؤكدون أن الماء قد نزل أيضا من السماء .

فإذا تأملنا في آية الدحو وآية نزول الماء من السماء أثناء الخلق , وقمنا بالجمع بين ما دلت عليه كل آية , تحصل بذالك أن الماء الذي خرج بسبب دحي الأرض هو مياه الأنهار والبحار والمحيطات , وأما الماء الذي نزل من السماء فكان سببا لنمو النبات والمرعى على الأرض .

المطر والدورة الطبيعية للماء في العلم والقرآن


 
بعد أن دحى الله الأرض فأخرج منها الماء , وأنزله أيضا من السماء وتكون الغطاء النباتي للأرض أصبحت الأرض صالحة للحياة , وجعل الله عز وجل بعد ذالك نظاما خاصا ودقيقا يمثل دورة الماء في الطبيعة . جاء الإنسان إلى الأرض وهو لا يعرف عن هذا النظام شيئا ولا عن مصدر المياه .

لقد ظل الإعتقاد السائد قديما أن للمياه الطافية على الأرض من أنهار وينابيع خزانات أسفل الأرض تمدها بالماء . فقد كان يظن هؤلاء أن المياه الجوفية تتغذى من تلك الخزانات الأرضية . وحتى القرن 16م كان هذا الإعتقاد سائدا , والحقيقة المعروفة اليوم أن مصدر هذه المياه الجوفية هي مياه الأمطار وقد أشار القرآن لهذا فقال 
(( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ))
ويعتبر برنارد باليس أول من قال أن المياه الجوفية مصدرها الأمطار سنة 1580م , وبذالك فإن القرآن قد لفتنا قبل هؤلاء إلى دورة المياه في الطبيعة .
دورة الماء في الطبيعة
دورة الماء في الطبيعة كما ذكرها القرآن
يقول العلماء إن البحار والمحيطات تغطي 71% من سطح الأرض وتحتوي هذه المياه على مليون بليون طن من الأملاح والمعادن الثقيلة , وبذالك فإن هذه المياه ليست صالحة للحياة عند أغلب الكائنات الحية , وهنا تظهر حكمة الله عز وجل فقد جعل الشمس مصدرا للحرارة يتبخر بها الماء , ثم تحمل الرياح هذا البخار في طبقات الجو لتشكل السحب وتلقحها ويتحول هذا السحاب إلى برد ومطر .

فلا يتم نزول المطر إلا بتوفر أسباب وفرها الله عز وجل من حركة ودوران للأرض وميل لمحورها واتساع لسطح البحار والمحيطات , وحرارة للشمس وعملية التبخر ورياح وتشكل سحب وغيرها من العوامل , لينزل هذا الماء الصافي النقي بعد ان كان مالحا ولقد اتضح علميا أن مياه الأمطار تبلغ 95 ألف ميل مكعب تتوزع بين البر والبحر , وأن نصيب اليابسة منها ما هو إلا 24 ألف ميل مكعب ومع ذالك فإن هذه الكمية كافية لوجود حياة على سطح الأرض .

لقد وجد العلماء حسابيا أن أكبر المناطق وفرة من مياه الأمطار منطقة في الهند تسمى تشرايونخي , ويرجع العلماء سبب هذه الكثرة لهبوب تيار ساخن من المحيط الهندي ليندفع فوق تلك الجبال ثم يبرد بسرعة فتنخفض دراجة حرارته فتنهمر الأمطار بغزارة , وبمجرد تخلص الهواء من الرطوبة التي حملها يخلفه هواء آخر على قمة الجبل وهكذا تستمر العملية , فالإرتفاعات العالية تؤدي إلى انخفاظ درجة الحرارة فتتكثف أبخرة الماء هناك وتتجمد على شكل ثلج وهو ما يؤيد دور الجبال أيضا في دورة المياه الطبيعية .

إعجاز القرآن في حدوث البرد وفي السحاب الركامي

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ
آية السحاب الركامي في القرآن

ينبهنا الله عز وجل إلى التأمل في طريقة تكوين المطر وكيف أنه ( يزجي ) بمعنى يسوق , وإنما يسوق السحاب بالرياح , ثم ( يؤلف ) أي يركب بين قطع السحاب حتى تصبح ( ركاما ) بجمع وضم بعضه إلى بعض حتى تصبح كالجبال , فترى ( الودق ) وهو المطر يخرج من خِلَال السحاب , والخِلَالُ هي الفتوق جمع خلل .

وأما قوله ( وينزل من جبال فيها من برد ) فاختلف المفسرون في معنى الآية فقال قوم أن في السماء جبالا من برد ينزل منها البرد , وهذا قول من قال أن ( من ) للتبعيض ولا شك أن هذا القول غير صحيح , وأما القول الثاني فقال الجبال هنا هي السحب فيكون قوله ( من جبل ) بدل من قوله ( من السماء ) فتكون من لابتداء الغاية , أي أن البرد ينزل من هذه السحب التي هي كالجبال ضخامة وارتفاعا , وهذا المعنى هو الذي يؤيده العلم الحديث , فالآية هي من آيات إعجاز القرآن الكريم في وصف مراحل تشكل السحب الركامية وكيفية نزول المطر والبرد منها .

فالعلم الحديث يقول أن السحاب متكون من بخار متكاثف , يضم قطرات من الماء أو الثلج . والسحب عند علماء الأرصاد أنواع مختلفة مصنفة على حسب طريقة تكونها وقاعدتها وسمكها , ومن هذه الأنواع السحب الركامية وتحمل هذه السحب كميات كبيرة من الماء .

تمر السحب الركامية في تشكلها بمرحلتين مرحلة التكوين , وفي هذه المرحلة تسوق الرياح السحب الصغيرة إلى منطقة التجميع , حيث تتكاثف السحب هناك وتستغرق عملية سوق السحاب ساعات , بينما عملية تجميعه ليصبح ركاما قد تستغرق ساعة أو أقل .  

وفي هذه العملية التي سماها القرآن بالتأليف , وهي المرحلة الثانية تتجاذب الشحنات الكهربائية المتشابهة إلى بعضها البعض . وأما كيفية هذا التجاذب فمجهولة إلى اليوم , وبعد حدوث هذا التجاذب قد تصبح السحابة موجبة الشحنة في جهة من جهاتها وسالبة في الجهة الأخرى ,  ويستمر تحرك السحاب الركامي وأثناء حركته تستمر عملية الركم حتى يصبح السحاب شبيها بقطع من الجبال كما ذكرت الآية , وزيادة الركم تزيد في سمك السحاب وتجعله محملا بكميات كبيرة من الماء .

تستمر حركة السحاب إلى أن تعجز تيارات الهواء على حمل قطرات الماء التي يتكون منها السحاب , حينها يتوقف الركم فتبدأ مكونات السحاب في النزول على شكل قطرات ماء أو على شكل برد على حسب درجات حرارة السحب الركامية .

ماذا لو تغير الماء فأصبح أجاجا ؟


جاء في القرآن قوله تعالى ( لو نشاء جعلناه أجاجا ) والأجاج هو الملح , ومعنى الآية لو شاء الله لجعله مالحا شديد الملوحة فما انتفعتم به لا شربا ولا سقيا , وماء المطر عذب بطبيعته إلا أن طبيعته التكوينية قد تعرضه للتغير ليصبح أجاجا مرا لا يصلح للحياة ولهذا الإنقلاب أسباب .

أ/ يحتوي الهواء على عدة أجسام منها النتروجين والأكسجين , وإذا اتحدا هذين الغازين فإنه يتشكل جراء هذا التفاعل غازين الأول أكسيد النتروجين والثاني ثالث أكسيد النتروجين , وعند إتحدهما مع الماء فإنهما يكونان حمض النتريك وحمض النتروز والقليل من الحمضين الناتجين كفيل بتلويث الماء .

فالله عز وجل لو أنه كثر البرق والذي يحتوي على شرارات كهربائية التي تكون سببا في اتحاد الأكسجين مع النتروجين , لحدث هذه السلسلة من التفاعلات , وتكون حينها الحمض المفسد للماء .


ب/ الأمطار الحامضية عرفت حديثا وهي ناتجة عن تلوث البيئة بسبب الغازات المنبعثة من المصانع والمركبات والمواد العضوية كالبترول والفحم , ففي عام 1991م أثناء ازمة الخليج وبسبب إحراق آبار البترول الكويتية ظهرت أمطار سوداء عمت المنطقة . 

إن هذه الأمطار تنزل محملة بالمعادن الثقيلة والسامة بنسب عالية كالرصاص والزنك والألمنيوم والتي تذوب في الوسط الحمضي مما أثر ذالك سلبا على الحياة البرية والبحرية , فأثرت على الأسماك والأشجار , بل إنه أدى إلى تآكل المباني والتماثيل وزيادة الوفيات بسبب امراض عدة كأمراض الجهاز التنفسي والقلب والربو , بل وكانت سببا أيضا للتلوث الغذائي .


إن الماء لغز من ألغاز الطبيعة وهو مظهر من آيات الله , وواحد من عجائب خلقه , وقد تحدث القرآن عنه وتحدث السنة كذالك فأرشدنا الله إلى بعض أسرار الإعجاز , ونبهنا إلى قيمته وأنه نعمة ينبغي المحافظة عليها بعدم تلويثه والإسراف في استعماله .


المراجع : 

  1. التحرير والتنوير    ابن عاشور 
  2. تفسير ابن جرير الطبري 
  3. تفسير ابن كثير 
  4. تفسير السعدي 
  5. كتاب الله المنظور الأمطار والبحار       منصور محمد حسب النبي 
  6. الماء في القرآن والسنة والعلوم الحديث      توحيد الزهيري 
  7. إعجاز الكتاب في وصف السحاب    موقع إعجاز القرآن والسنة
  8. الإعجاز القرآني في وصف السحاب الركامي     موقع رابطة العالم الإسلامي
google-playkhamsatmostaqltradent