recent
أخبار ساخنة

سوسيولوجيا المدرسة مفهومها دورها علاقتها بالمجتمع وظيفتها التربوية

سوسيولوجيا المدرسة مفهومها دورها علاقتها بالمجتمع وظيفتها التربوية


السوسيولوجيا كلمة مرادفة لعلم الإجتماع , وبذالك فسوسيولوجيا المدرسة تقوم بدراستها وتحليلها كعامل من العوامل المؤثرة في المجتمع , فالتنشئة الإجتماعية والعلمية والتربوية التي ترافق الطفل منذ مراحله الأولى إلى المراحل الأخيرة تؤهله للإندماج في عالم الشغل والعلاقات الإجتماعية .
سوسيولوجيا المدرسة مفهومها دورها علاقتها بالمجتمع وظيفتها التربوية
المدرسة مفهومها دورها علاقتها بالمجتمع وظيفتها التربوية

تشكل المؤسسة التربوية بغض النظر عن المرحلة التعليمية التي تهتم بها مجتمعا مكونا من فئات إجتماعية مختلفة , مما يعني أن جودة التعليم يرتبط أساسا بفهم العوامل المؤثرة في الظواهر المختلفة التي تبرزها المدرسة , وإن أي إهمال لهذه العوامل يجعل من دورها هشا غير مؤثر .

المدرسة علاقة بيداغوجية


يعتبر مفهوم المدرسة حديث المنشأ ويعتبر الفيلسوف إيميل دوركايم هو أول من أشار إلى هذا المفهوم الجديد , ثم اعتمد بعده غي قانسان على مصطلح (( الشكل المدرسي )) , فالطابع الجديد للمدرسة أصبح مختلفا فهو يعتبر ثورة حقيقة على طرق التنشئة القديمة , فقد أصبح اليوم هدفه تكوين كائن إجتماعي له ادواره الإجتماعية .


لقد تغيرت اليوم العلاقة بين المدرس والتلميذ عن السابق , فالعلاقة اليوم هي علاقة بيداغوجية , فالشيئ الذي يميز المتمدرسين اليوم عن السابق التجانس في الأعمار وفضاءات التمدرس .


في العهد الحديث أخذت المدرسة في التوجه نحو العلاقة البيداغوجية , فقد تجاوزت الميزة القديمة والتي كان المعلم فيها ينقل إتقاناته وطرقه للتمليذ , أما حديثا فقد كسرت هذه القاعدة التي تعتمد أساسا على الإستماع للمدرس ثم الإنجاز . وأصبحت اليوم قواعد التدريس غير شخصية بل قواعد يخضع لها الجميع المعلم والتلميذ تجمع بينهم , كما أصبح لها أنشطة إجتماعية خاصة , ومحددة بزمن معين وبأهداف خاصة .


لقد أصبح حديثا الدور السياسي في تكوين المجتمع وتوجيهه دورا مهما , فكان لدور الدولة والأديولوجية التي تعتمدها دورا بارزا في ضبط المؤسسات التعليمية بغية الوصول لأهدافها الإيديولوجية .

دور المدرسة وعلاقاتها بتكوين المجتمع


تعتبر المدرسة فضاء مهما ومؤسسة لها دورها البالغ من أجل تحقيق إندماج الأفراد داخل المجتمع , فهي تسعى إلى تحويل المتعلمين إلى مواطنين منتجين داخل مجتمعاتهم , فمسألة الإندماج الإجتماعي من أهم وظائفها وتحظى باهتمام كبير لدى المختصين . ولذا فإنه من المفترض أن يكون لها دور أكثر عمومية في التنشئة الإجتماعية للفراد وإدماجه .


إن هذه الوظيفة الشمولية للمدرسة لا بد من فهمها وفهم طرق اشتغالها وكيفية تحصيلها , ومن ثم الكشف عن مدى تأثيرها الفعلي وإنتاج العلاقات الإجتماعية السليمة داخل المجتمع , ومن ثم تصحيح ما يجب تصحيحه وتثمين ما يمكن تثمينه .


يرى دوركايم أن وظيفة المدرسة الأساسية هو تلقين المتعلم القيم الأخلاقية والتربوية , هذه الأخيرة التي من شأنها أن تصبح لحمة حقيقية للمجتمع , كما أنه لهذه التنشأة دور بارز في تكوين أفراد مستقلين فكريا لهم القدرة على النقد وصناعة أفكار وآراء خاصة بهم . أما الباحث الأمريكي بارسون فهو يرى أن دورها هو تلقين الفرد القيم السائدة في المجتمع , فهي بذالك تجعل من الفرد محترما لقيم المجتمع الجمالية التي تميزه , مما يعني أن المتعلم سيؤثر مصلحة مجتمعه على المصلحة الفردية الخاصة به .


تمثل المدرسة في الدول الحديث جهازا إيديولوجيا حقيقيا ومؤثرا , تقوم بتوزيع الأفراد على مختلف الأنشطة والمهمات من أجل بناء إيديولوجية وتوجه الدولة , فهي بذالك تقوم بقولبة شخصية التلاميذ ليتلاءموا مع دورهم الذي خطط لهم مسبقا داخل الدولة . ولذالك فإن الدول تجعل قيما ومعاييرا للتصنيف , من خلالها يتم تحديد الأفراد الذين سوف يكون لهم هيمنة مشروعة على المجتمع , وبالتالي فهي لا تقوم باختيار الأكثر كفاءة , بل هي تختار الأفراد الأكثر مناسبة لمعايير الجمعة المسيطرة والتي تحضى بسلطة مشروعة .


ليست المدرسة مجرد مكان لالتقاء مجموعة من الأشخاص , بل هي أكبر من ذالك , بل هي فضاء سياسي حقيقي , فالمدرسة يسيرها أشخاص مندرجون في إطار النظام العام للدولة , أو أشخاص يعملون تحت توجيهات ومشاريع الدولة . ولذا فالمدرس الحديثة لا بد أن تتحلى بمجموعة من الأوصاف كالدمقرطة , والإستقلالية واللامركزية والتكافؤ في الفرص .

دور المدرسة ودور الأسرة في التنشئة الإجتماعية .


تعيش المجتمعات العصرية اليوم تحولات كبيرة , وقد كان من آثار هذه التحولات الكبيرة تقليص دور الأسرة في التنشئة المجتمعية , ليحل محلها بدائل أخرى أهمها المدرسة , ويمكن تبرير هذا التحول من دور الأسرة لدور المدرسة أن الأسرة لم يعد لها مجال في تحديد نوعية عمل أفرادها , فلم تعد الأسرة هي النواة الأولية للإقتصاد كما كانت سابق , وقد أخذت مكانها المدرسة فالمكانة الإجتماعية التي يسعى لها الفرد يتم تحديدها من خلال المدرسة التي تؤهله للحصول على عمل مرموق .


ومن العوامل المؤثرة في أفول دور الأسرة وبروز دور المدرسة , إتساع رقعة التعليم فلم يعد حكرا على طائفة فقد أصبح متاحا للجميع , ومع ذالك فإنه لا يمكن إهمال دور الأسرة التربوي , بل لا بد من التكامل بين الوسط المدرسي والأسري .


لقد كانت العلاقة بين الأسرة والمدرسة في العالم العربي علاقة مباشرة , فقد كان جميع أفراد المجتمع يهتمون بالكتاتيب التي كان يتعلم فيها أبناءهم , فالمجتمع كان هو الممول والمشرف عليها , فقد كان الإهتمام به كبير لأجل شيئين الأول مكانة مهنية محترمة وعظ أو إرشاد وتعليم , والثانية مكانة إجتماعية تجلب له الإحترام والتقدير .


ومع ظهور وانتشار أساليب التعليم الغربي في البلدان العربية , بدأت دور الكتاتيب تقل لأنها لم تعد لها تلك المكانة من توفير مهنة محترمة ماديا , وأيضا قد أصيبت المدرسة في كثير من الدول العربية بالضعف , وأصبحت نظرة المجتمع إليها نظرة سلبية بسبب إنتشار البطالة في خريجي هذه المدارس , وأصبحت بعض من المجتمعات العربية تنظر إليها أنها مكان لإهدار الوقت , فلا بد من تدارك الأمر وإعادة دور كل من المدرسة والمرأة وجعله دورهما تكاملي .

الوظيفة التربوية للمدرسة .


في المدرسة الحديثة يعتبر دور التربية دورا مهما للغاية فيها , لقد أصبحت التربية وسيلة مهمة في نقل الثقافة ومختلف العلوم لأفراد المجتمع , وما سنذكره يعتبر من أهم وظائف التربية في المدرسة .
  • تبسيط التراث الثقافي من خلاله تقديمه للتلميذ بشكل مبسط ومتدرج من البسيط للسهل , ومن الكليات إلى الجزئيات , ومن المحسوس إلى المجرد , فهي الطابع الثاني بعد الأسرة في تنشأة الطفل وفق قيم المجتمع ليكون مستجيب لهذه القيم وفردا فاعلا فيه .
  • عملية التنقيح والتصفية , ففي المدرسة يتم حذف كل ما من شأنه أن يؤثر سلبا على تربية الطفل من القيم أو المعارف الخاطئة الموجودة في مجتمعه .
  • توفير مكان وفضاء أكثر توازنا من البيئة الخارجية التي تحمل في طياتها متناقضات وصراعات .
ينبغي أن ندرك جيدا أن العملية التعليمية والتربوية لا تتم فقط داخل حجرات الدراسة , بل المدرسة ككل بما فيها من نشاطات هي مكان مناسب لهذه العملية , فهي شبيه بمجتمع له قوانينه وأحكامه , فالتلميذ يتعايش داخل المدرسة في ظل قوانينها ونظامها . ومع ذالك ينبغي الإنتباه لدور الأسرة المهم , فدخول التلميذ للمدرسة لا يعني أن المهمة التربوية للأسرة انتهت باعتبار أن المدرسة هي المكان المناسب لها فالعلاقة تكاملية .
google-playkhamsatmostaqltradent