recent
أخبار ساخنة

عراقة نسب النبي ودوره في حماية الرسالة المحمدية

الصفحة الرئيسية

عراقة نسب النبي ودوره في حماية الرسالة المحمدية


نسب النبي صلى الله عليه وسلم من أطهر الأنساب وأشرفها , وكان لعراقة نسبه وأصالته دور هام في حمايته أثناء تبليغ الرسالة في المرحلة المكية , فطهارة العرق مؤيد قوي في التأهيل الرسالي لشخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء عموما .
عراقة نسب النبي ودوره في حماية الرسالة المحمدية
عراقة نسب النبي ودور في حماية الرسالة المحمدية

مكانة نسب الرسول في قريش . 


إن الله عز وجل يتولى رعاية الأنبياء وصناعتهم , فهو الذي تولى راعية مريم أم نبي من أنبيائه (( وأنبتها نباتا حسنا )) , فالتربة التي ولدت وترعرعت فيها تربت كريمة طيبة ,  فهي تربة سيدنا زكريا (( وكفلها زكريا )) , كذالك كان منبت النبي محمد صلى الله عليه وسلم .

لقد سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن نسب النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال (هو فينا ذو نسب ) , فأخبره هرقل أن نسب الأنبياء كذالك هو نسب شريف ورفعة بين بني قومهم .

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح عن نفسه بأنه من نسل سيدنا إسماعيل وابراهيم عليهما السلام , وذكر أنه من صفوة الأنساب في قريش وفي العرب عموما , فقد اصطفاه الله عز وجل من بني هاشم الذيم هم خيار قبائل قريش , ثم اختاره الله عز وجل من بينهم .
إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة
حديث إن الله اصطفى 
يمتد نسب النبي إلى إسماعيل وإبراهيم عليهما السرم , فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي , والحقيقة أن المتأمل في هذا النسب الطاهر يلحظ أربعة أسماء بارزين كان لهم تأثير في حياة قريش .

قصي بن كلاب : هو الجد الرابع للنبي صلى الله عليه وسلم ,  تقلد في قريش مناصب عدة فقد أسند إليه اللواء وهي راية للحرب فلا تعقد حرب إلا بيده وأسندت إليه سقاية الحاج , كما فرض قصي على قريش مالا يدفعونه ليصنع طعاما للحجاج يسمى رفادة الحجاج , كما كان له الفضل في تأسيس بيت يجتمع فيه القوم لمناقشة أمورهم الشخصية والسياسية والإجتماعية والحربية وقد سميت دار الندوة , فحاز الرجل شرف مكة كلها ومناصبها الرئيسية , فلا يعقد زواج إلا في داره وكذا لا تعلن حرب إلا بحضوره .

عبد مناف : وهو الجد الثالث للنبي صلى الله عليه وسلم فقد ورث عن أبيه الرفادة والسقاية , وأما الحجابة واللواء فكان من نصيب أبناء عمومته بنو عبد الدار بعد صراع على هذه المناصب , لقد كان عبد مناف رجل سياسة فقد عقد الأحلاف بين قريش والقبائل العربية المحيطة بها .

هاشم بن عبد مناف : وهو جده الثاني وقد ورث عن أبيه مناف السقاية والرفادة , وهو أول من سن رحلة الشتاء والصيف وعقد الإيلاف , وهي مجموعة من المعاهدات بين قريش والقبائل الأخرى لتأمين الرحلات التجارية .

عبد المطلب بن هاشم : من من العرب لا تعرفه هو الجد الأول للنبي وقد كان رجل دين , فأحكم نظام الحج في قريش , وجعل القبائل تضع في مكة تماثيل لها , وفي عهده وصلت مكة لأوج مكانتها وشرف بين قومه شرفا لم يسبقه إليه أحد من أجداده , وكانت قريش تكن له إحتراما ومكانة خاصة فأصبح سيدها فعلا , وقد اشتهر الرجل بحادثتين مهمتين وقعت له في قريش حفر بئز زمزم وواقعة الفيل .
نسب النبي صلى الله عليه وسلم
نسب النبي إلى جده الرابع

عبد المطلب وقصة أصحاب الفيل 


الواقعة الأولى في تاريخ قريش والتي كان بطلها عبد المطلب هي حادثة الفيل , وتبدأ القصة عندما بنى أبرهة كنيسة سماها القليس لتنافس مكة في حج الناس إليها , فقام عربي بقضاء حاجته فيها , ولما علم أبرهة قرر هدم الكعبة فاتجه بفيله الضخمة لهدمها . 

لما بلغ ابرهة مشارف مكة أرسل رسوله ليحدث كبيرها , ويخبره أنه ما جاء لقتالهم بل لهدم بيت الله الحرام فحسب . وقد كان كبير مكة وسيدها يومئذ هو عبد المطلب , فاتجه عبد المطلب إلى ابرهة الذي كان قد استولى على مئتي بعير لعبد المطلب . 

دخل عبد المطلب على أبرهة فأعجب به من أول وهلة رآه , فقد شيخا وقورا مهابا . وظن أبرهة أن عبد المطلب قد جاءه ليثنيه عن هدم الكعبة , ولكن عبد المطلب بادر أبرهة بطلب إرجاع ما أخذ مما يملك من إبل وكان قد أخذ منه مئتي ناقة , فتعجب أبرهة من أمره وأنكر عليه موقفه إذ كيف يحدثه عن إبله ويترك الحديث عن رمز دينه وآبائه وأجداده , ولكن عبد المطلب قال كلمته المشهورة للبيت رب يحميه .

عاد عبد المطلب لمكة بإبله , ثم أمر سكانها بالخروج منها والتحصن في شعابها , وأمر أبرهة الفيلة وجنده بالهجوم فرفضت الفيلة التوجه نحو الكعبة , وإن وجهوها نحو الشام توجهت . ثم أرسل الله طيرا تحمل ثلاث حصيات على جيش أبرهة , فرمت الجيش فأصبح كالعصف المأكول ورد الله كيد أبرهة في محاولته لهدمه بيت الله الحرام . وأصبح هذا العام معروفا مشهورا عند العرب هو عام الفيل وقد ولد النبي فيه .
الم ترى كيف فعل ربك بأصحاب الفيل
قصة أصحاب الفيل كما ذكرها القرآن

عبد المطلب وحفر بئر زمزم 


عبد المطلب هو أول من حفر بئر زمزم بعد أن اختفت من مكة بفعل عوامل طبيعية , وتبدأ القصة لما كان عبد المطلب نائما في حجر الكعبة فرأى في المنام من يطلب منه حفر البئر , واعتقد عبد المطلب أن ذالك ما هو إلا أضغاث أحلام , وتكرر المنام مرات عدة وفي آخرها دله صاحبه في المنام على مكانها , حمل المعول واتجه مع ابنه الحارث وهو ابنه الوحيد , فقام بحفرها ووجد فيها غزالين من ذهب وسيوف وأدرع ضربهم على باب الكعبة .

نازعت قريش عبد المطلب في اختصاصه بالبئر فأبى إلا ان تكون له خالصة , وانتهى خصام الفرقين إلى قبول حكم كاهنة بالشام , وفي طريقهم إلى كاهنة الشام فني ماء عبد المطلب وأصحابه وأصابهم عطش شديد , فأمر كل واحد منهم أن يحفر قبرا له ليدفن بعضهم بعضا إن أصابهم الموت عطشا . 

فكر عبد المطلب قليلا ثم طلب منهم مرة أخرى التحرك لعلى الله يرزقهم بمن يمن عليهم بالماء , فلما هم عبد المطلب بالنهوض وقامت ناقته انبعثت من تحتها عين جارية ,  فسقى القوم كلهم ونجوا من الموت . حينها ادركت قريش أن زمزم قد خصت لعبد المطلب فعادت دون الوصول إلى الكاهنة وهي راضية باختصاصه بالبئر .

من هو أبو النبي وكيف نجى من الذبح


بعد نزاع قريش لعبد المطلب في بئر زمزم ولم يكن له من الأولاد حينها لينصروه سوى ولد واحد , نذر حينها عبد المطلب لإن رزقه الله عشرة أبناء ليذبحن أحدهم عند الكعبة , فكان آخرهم هو عبد الله ابو النبي صلى الله عليه وسلم .

أراد عبد المطلب أن يوفي بنذره فأقرع بين أبنائه , فخرجت على عبد الله فكان هو من الأبناء الذي سيذبحه أبوه . لكن قريشا اعترضته ومنعته من ذبح ابنه كي لا تكون سنة ماضية لمن أراد الأولاد . فأبى عبد المطلب إلا الوفاء بنذره وبعد حوار رضوا بالإحتكام إلى كاهنة الشام .

وصل وفد قريش للكاهنة فسألتهم عن الدية عندهم فقالوا عشر إبل , فأمرتهم بالرجوع لمكة وأن يقرِّبوا عشرا من الإبل وكذالك الولد , ثم يضربوا القداح فإن خرجت على عبد الله زادوا عشرا من الإبل , وإن خرجت على الإبل ذبحوها وتركوا الولد .

عاد وفد قريش وفعلوا ما طلبته منهم العرافة , وضربوا القداح بين عبد الله والإبل العشر وفي كل مرة تخرج على عبد الله حتى بلغ عدد الإبل مئة , فخرجت عليها وذبح عبد المطلب الإبل ونجى عبد الله .

زواج عبد الله بآمنة 

إشتهر عبد الله الولد الذي نجى من الذبح في قريش وضواحيها من قبائل العرب , وقد كان الرجل خلوقا طيبا جميلا شابا يافعا , مطمع شريفات قريش في الزواج به , فرأى أبوه أن يزوجه من امرأة كريمة شريفة النسب في قريش وهو العارف بأنساب قريش وفضائلها , فاتجه إلى فتاة من بني زهرة تسمى آمنة , وطلب من أبيه تزويجها من ابنه عبد الله فقبل مسرورا فمن رفض نسب عبد المطلب . تم الزواج وأنجب الزوجان الكريمان خير خلق محمد بن عبد الله .

دور نسبه في تبليغ الرسالة 


لا يخفى أن لطهارة النسب دور هام في مكانة المرء خاصة في الوسائط العشائرية , وفي المجتمعات القبلية التي تعترف بقوة العشيرة , فهذا نبي من أنبياء الله لما يحس بضعفه امام قومه يقول لهم (( لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ))

فالنسب الشريف يعطي لصاحبه قوة معنوية ومصداقية تجنبه القدح في عرضه والسخرية منه , ولعلى قدحا في نسب شخص ما يجعل الناس ينفرون منه , فقد ذكَّر بنوا إسرائيل امرأة عمران في عفة أمها وطهارة أبيها لما ظنوا أن ولدها عيسى ليس ولد فراش شرعي , ولا شك أنه قد يكون للصفات الوراثية تأثير في طبائع الناس وأخلاقهم فالعرق دساس .

لقد كانت لأصالة نسب النبي دور هام في حمايته أثناء جهره بالدعوة , فعمه أبو طالب كان سدا منيعا في وجه الإعتداءات , فلم تكن قريش تؤذي النبي احتراما وتقديرا لعمه أبا طالب , ولم تتجرأ عليه إلا عندما مات عمه , فمن حكمة الله عز وجل أن بعث في قريش رجل منهم يعرفونه ويعرفون نسبه , فلو كان نسبه نسبا متواضعا لتجرأت عليه قريش من الوهلة الأولى فكان هذا تأييدا قويا من الله عز وجل لنبيه .
google-playkhamsatmostaqltradent