recent
أخبار ساخنة

كلمات عن حديث الصلاة قربان والصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة

الصفحة الرئيسية

كلمات عن حديث الصلاة قربان والصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة


عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ وَدَمٌ نَبَتَا عَلَى سُحْتٍ النَّارُ أَوْلَى بِهِ ، يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، النَّاسُ غَادِيَانِ : فَغَادٍ فِي فَكَاكِ نَفْسِهِ فَمُعْتِقُهَا ، وَغَادٍ مُوبِقُهَا ، يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ ، الصَّلَاةُ قُرْبَانٌ ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ ، وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يَذْهَبُ الْجَلِيدُ عَلَى الصَّفَا ))
حديث الصلاة قربان والصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة
حديث كعب بن عجرة

هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن حبان مع بعض من الإختلاف , قال الشيخ أحمد شاكر صحيح بشواهده .

في هذا الحديث بيان لمجامع الخير وسبل النجاة . فقد قسم النبي صلى الله عليه وسلم الناس لقسمين , قسم يغدوا لنجاته وقسم يغدوا فيهلك نفسه , والغدو هو السير في أول الصباح . ففي كل صباح يسعى الناس لكل هدفه ومقصده , فإما أن يعتق نفسه من النار وإما أن يهلكها .

ففي كل صباح يوم يتمايز الناس بين فائز وخاسر , بين من دس نفسه بخبائث الدنيا , وبين من زكاها بشعب الإيمان فأعتقها أي حررها من قيود الدنيا , فتحررت من عذاب الآخرة , وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم بعضا من وسائل النجاة وبعضا من وسائل الهلاك .

أكل الحرام من أسباب الهلاك في الدنيا والآخرة


فأول أسباب الهلاك أكل الحرام قال النبي صلى الله عليه وسلم (( إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ وَدَمٌ نَبَتَا عَلَى سُحْتٍ النَّارُ أَوْلَى بِهِ ))فاللحم الذي ترعرع في الحرام فمصيره الناروهي أولى به , فالعجب من المرء كيف لا يلقي بالا لمصدر رزقه أمن الحرام أم من الحلال .

يسمع العبد مثل هذا التهديد الخطير والوعيد الشديد , ومع ذالك تراه يأكل أموال الناس بالباطل ويتعدى على حقوق المساكين والفقراء والضعفاء , وتراه يسارع للربا ولا يخشى أن يكون ممن أعلن الله الحرب عليهم (( فاذنوا بحرب من الله )) , ولا يبالي بلعنة الله عز وجل أن تحل عليه , فقد قال رسول الله لعن آكل الربا .

تجد البعض يسمع هذا الوعيد الشديد ثم لا يبالي في استهعمال الرشوة التي قد عمت حتى ظن الظان أنها له حق , فصار يطلبها دون حياء فتراه يدفعها ليبطل بها حقا , أو لينصر بها باطلا بلا استشعار لخطورة الأمر , والوعيد في هذا شديد فقد لعن رسول الله الراشي والمرتشي والواسط بينهما .

وهكذا مع اللامبالاة وضعف الإيمان فقد دخل الحرام إلى بيوت الناس فنزع البركة , وقل الإيمان ومنعوا استجابة الدعاء ولو لم يكن إلا في أكل الحرام ما ذكرنا لكان رادعا لمن كان له قلب فكيف والعذاب شديد .

من أسباب النجاة الصلاة والصوم والصدقة


لقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم كعبا في هذا الحديث لثلاث سبل من سبل النجاة , فهي أسباب لعتق النفس من النار ونجاتها , فقال له (( الصلاة قربان )) أي أنها تقرب العبد من ربه , ولم تخلوا شريعة من الشرائع من الصلاة وقد أوصى الله عز وجل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم فقال له (( وأمر أهلك بالصلاة )) أي بالقيام بها (( واصطبر عليها )) أي بأدائها , ثم قال له (( لا نسألك رزقا نحن نرزقك )) والمعنى لا نسألك طلب الرزق بل نحن نتكفل برزقك , فعليك بإقامة الصلاة وحث أهلك عليها وعلينا بكفالة الرزق لك .

والصلاة من اعظم القربات إلى الله عز وجل , فهي أعظم العون من الله للعبد , قال تعالى (( واستعينوا بالصبر والصلاة )) ثم بين أن هذه الوصية أي جعل الصلاة عونا يستصعبها المرء إلا إذا كان من الخاشعين فقال (( وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين )) .

فالنبي كان إذا حزبه أمر لجأ إلى الصلاة , فهي راحة لقلب المؤمن , وقد كان رسول الله يطلب من بلال أن يريحهم بها , وهي قرة عين الموحدين , وهي صلة بين العبد وربه , وهي الباب الذي إذا كسر لم يأمن على تاركها الكفر , وهي تكفير للذنوب .

أول ما يحاسب المرء عليه هو الصلاة , فإن كانت صالحة كان من الفالحين , وإن تهاون فيها وضيع حدودها خاب وخسر , وهي وصية رسول الله وهو على فراش الموت , وقد قال عمر لا حض في الإسلام لمن ترك الصلاة , فكيف بعد ذالك يتهاون فيها مسلم فيتركها , وكيف بعد ذالك يحرص الرجل أشد الحرص على لباس أبنائه وتعليمهم , ولا يحرص على صلاتهم فإنها لا تعمى الأبصار ولكنها تعمى القلوب التي في الصدور .

ثم أرشد النبي صلى الله عليه وسلم لوسيلة ثانية من وسائل النجاة فقال له (( والصوم جنة )) أي ساترة مانعة من الرفث والإثم , وهو وقاية من العذاب والنار , فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الشاب الذي لا يجد سبيلا للنكاح أن يصوم ليلجم بالصوم شهوته ويكسرها .

والصوم هو العبادة الوحيدة التي تكفل الله عز وجل بثوابها وأجرها , فكل عمل ابن آدم له تكون المعاملة فيه الحسنة بعشرة أمثاله ويضاعفها الله كيفما يشاء إلا الصوم فهو خارج عن هذه المعادلة , فأجره لا يعلمه إلا الله .

والصوم أبعد العبادات عن الرياء فلا شك أنه تربية عملية على الإخلاص , والإخلاص هو لب التوحيد بل هو جماع الدين , فقد قال الله عز وجل (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )) , ومن صام يوما لله باعد الله بينه وبين النار فهو وقاء فعلا وهو ركن ركين من أركان الإسلام .

ثم أرشد النبي صلى الله عليه وسلم للطريق الثالث من طرق النجاة فقال (( والصدقة تطفئ الخطيئة )) , ومن من بني آدم لم يخطئ ومن من بني آدم لم يعص الله عز وجل , فكل بني آدم خطاء أي كثير الخطأ , فالصدقة تطفئ نار المعصية فيغفر بها الرب الذنب . فالصدقة برهان الإيمان .

والصدقة إما واجبة وهي الزكاة والنفقة على الأهل والعيال , وإما مندوبة وهي غير ذالك والزكاة أخت الصلاة فطالما قرن بينهما الله في الآيات البينات , ولما أنطق الله عز وجل عيسى وهو في المهد كان مما قال (( وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا )) .

فالصلاة لا تنفك عن الزكاة لمن ذاق طعم الإيمان وصدق بالقرآن ظاهرا وباطنا , فالصلام والصوم والزكاة لا تجتمع إلا في من ملئ قلبه إيمانا , ولا شك أن هذه الأعمال من أعظم ما يقوي المرء بها إيمانه , فتكون حرزا له الآثام وعصمة له  من الخطإ , وفي الآخرة فليبشر برضا الرحمن وجنة عرضها السموت والأرض .
google-playkhamsatmostaqltradent